والحديث، ومذهب السلف أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل " ثم ذكر الشيخ رحمه الله تعالى جملاً نافعة وأصولاً جامعة في إثبات الصفات والرد على الجهمية، وذكر من النقول عن سلف الأمة ما يطول ذكره.
ثم قال في آخر كلامه: "وجماع الأمر أن الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة، قسمان يقولون تجري على ظواهرها، وقسمان يقولون هي على خلاف ظاهرها، وقسمان يسكتون.
أما الأولون " فقسمان: أحدهما: من يجريها على ظاهرها ويجعل ظاهرها من جنس صفات المخلوقين، فهؤلاء المشبهة ومذهبهم باطل أنكره السلف، وإليه توجه الرد بالحق.
والثاني: من يجريها على ظاهرها اللائق بجلال الله تعالى كما يجري اسم العليم والقدير والرب والإله والموجود والذات ونحو ذلك على ظاهرها اللائق بجلال الله، فإن ظواهر هذه الصفات في حق المخلوق، إما جوهر وإما عرض، فالعلم والقدرة والكلام والمشيئة والرحمة والرضى والغضب ونحو ذلك في حق العبد أعراض والوجه واليد والعين في حقه أجسام.
فإذا كان الله موصوفاً عند عامة أهل الإثبات بأن له علماً وقدرة وكلاماً ومشيئة وإن لم تكن أعراضاً يجوز عليها ما يجوز على صفات المخلوقين جاز أن يكون وجه الله ويداه ليست أجساماً يجوز عليها ما يجوز على صفات المخلوقين، وهذا هو المذهب الذي حكاه الخطابي وغيره عن السلف وعليه يدل كلام جمهورهم وكلام الباقين لا يخالفه وهو أمر واضح- فإن الصفات كالذات، فكما أن ذات الله ثابتة حقيقة من غير أن تكون من جنس ذوات المخلوقين فكذلك صفاته ثابتة من غير أن تكون من جنس صفات المخلوقين، ومن المعلوم أن صفات كل موصوف تناسب ذاته وتلائم حقيقته، فمن لم يفهم من صفات الرب الذي ليس