المكانة والقدرة، أو بمعنى ظهور نوره للعرش، أو بمعنى انتهاء الخلق إليه، إلى غير ذلك من معاني المتكلمين.
وقسم يقولون: الله أعلم ما أراد بها، لكنا نعلم أنه لم يرد إثبات صفة خارجة عما علمناه.
وأما القسمان الواقفان؛ فقسم يقولون يجوز أن يكون المراد بظاهرها اللائق بالله تعالى ويجوز أن لا يكون صفة لله، وهذه طريقة كثير من الفقهاء وغيرهم.
وقسم يمسكون عن هذا كله، ولا يزيدون على تلاوة القرآن وقراءة الحديث معرضين بقلوبهم وألسنتهم عن هذه التقريرات.
فهذه الأقسام الستة لا يمكن أن يخرج الرجل عن قسم منها، والصواب في كثير من آيات الصفات وأحاديثها القطع بالطريقة الثابتة.
ثم قال: فأما المتوسط من المتكلمين فيخاف عليه ما لا يخاف على من لم يدخل فيه وعلى من قد أنهاه نهايته، فإن من لم يدخل فيه هو في عافية، ومن أنهاه فقد عرف الغاية فما بقي يخاف من شيء آخر، فإذا ظهر له الحق وهو عطشان إليه قبله، وأما المتوسط فمتوهم بما تلقاه من المقالات المأخوذة تقليداً، وقد قال الناس: أكثر ما يفسد الدنيا نصف متكلم ونصف متفقه ونصف متطبب ونصف نحوي، هذا يفسد الأديان، وهذا لمسد البلدان، وهذا يفسد الأبدان، وهذا يفسد اللسان، ومن علم أن المتكلمين من المتفلسفة وغيرهم في الغالب في قول مختلف يؤفك عنه من أفك، يعلم الذكي منهم العاقل أنه ليس هو فيما يقوله على بصيرة، وأن حجته ليست بينة وإنما هي كما قيل فيها:
حجج تهافت كالزجاج تخالها ... حقاً وكل كاسر مكسور
ويعلم العالم البصير أنهم من وجه يستحقون ما قال الشافعي رضي الله عنه حيث قال: حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال، ويطاف بهم في القبائل والعشائر، ويقال هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام.