للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن وجه آخر إذا نظرت إليهم بعين القدر- والحيرة مستولية عليهم والشيطان مستحوذ عليهم- رحمتهم ورققت عليهم، أوتوا ذكاء وما أوتوا زكاء، وأعطوا فهوماً، وما أعطوا علوماً، وأعطوا سمعاً وأبصاراً وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون، ومن كان عليماً بهذه الأمور تبين له بذلك حذق السلف وعلمهم وخبرتهم حيث حذروا عن الكلام ونهوا عنه وذموا أهله وعابوهم، وعلم أن من ابتغى الهدى في غير الكتاب والسنة لم يزدد إلا بعداً.

فنسأل الله العظيم أن يهدينا صراطه المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين آمين ".

هذا آخر الحموية الكبرى، ألفها الشيخ رحمه الله وعمره دون الأربعين سنة، ثم انفتح له بعد ذلك من الرد على الفلاسفة والجهمية وسائر أهل الأهواء والبدع ما لا يوصف ولا يعبر عنه، وجرى له من المناظرات العجيبة والمباحثات الدقيقة مع أقرانه وغيرهم في سائر أنواع العلوم ما تضيق عنه العبارة ولا يعرف أنه ناظر أحداً فانقطع معه.

قال الحافظ الذهبي في أثناء كلامه في ترجمة الشيخ ابن تيمية: "ولما صنف المسألة الحموية في الصفات سنة ثمان وتسعين وستمائة تحزبوا له، وآل بهم الأمر إلى أن طافوا بها على قصبة من جهة القاضي الحنفي ونودي عليه بأن لا يستفتى، ثم قام بنصرته طائفة آخرون وسلمه الله تعالى، فلما كان سنة خمس وسبعمائة جاء الأمر من مصر بأن يسأل عن معتقده، فجمع له القضاة والعلماء بمجلس نائب دمشق الأفرم ثم وقع الاتفاق على أن هذا معتقد سلفي جيد" انتهى.

وقال الشيخ علم الدين: وفي شهر ربيع الأول من سنة ثمان وتسعين وستمائة وقع بدمشق محنة للشيخ الإمام تقي الدين بن تيمية، وكان الشروع فيها من أول الشهر واستمرت إلى آخر الشهر.

وملخصها: أنه كتب جواباً لسؤال سئل عنه من حماه في الصفات، فذكر فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>