للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أخوه جلال الدين بعد هذا الميعاد: كل من تكلم في الشيخ نعزره، وخرج الناس ينتظرون ما يسمعون من طيب أخباره، فوصل إلى داره في ملأ كثير من الناس، وعندهم استبشار وسرور به، وكان سعيهم في حقه أتم السعي، وتكلموا في حقه بأنواع الأذى وبأمور يستحي الإنسان من الله تعالى أن يحكيها فضلاً عن أن يختلقها ويلفقها، فلا حول ولا قوة إلا بالله، ورأى جماعة من الصالحين في هذه الواقعة وعقيبها مرائي حسنة جليلة لو ضبطت لكانت مجلداً تاماً. انتهى.

ثم سكنت هذه الفتنة، ثم بعد ذلك بمدة طويلة ظهر الشيخ نصر المنبجي بمصر، واستولى على أرباب الدولة القاهرة، وشاع أمره وانتشر، فقيل لابن تيمية إنه اتحادي هانه ينصر ابن عربي وابن سبعين، فكتب إليه نحو ثلاثمائة سطر ينكر عليه، فتكلم نصر المنبجي مع قضاة مصر في أمره، وقال هذا مبتدع، وأخاف على الناس من شره، وقام معه في ذلك القاضي ابن مخلوف المالكي، واستعانوا بركن الدين الجاشنكير، فحسن القضاة للأمراء طلبه إلى القاهرة وأن يعقد له مجلس بدمشق فلم يرضَ نصر المنبجي، وقال ابن مخلوف: قل للأمراء إن هذا يخشى على الدولة منه كما جرى لابن تومرت في بلاد المغرب.

فورد مكتوب السلطان إلى دمشق بسؤال الشيخ عن عقيدته، فلما كان ثماني رجب من سنة خمس وسبعمائة طلب القضاة والفقهاء، وطلب الشيخ تقي الدين إلى القصر إلى مجلس نائب السلطنة الأفرم، فلما اجتمعوا عنده سأل الشيخ تقي الدين وحده عن عقيدته وقال هذا المجلس عقد لك وقد ورد مرسوم السلطان أن أسألك عن اعتقادك، فأحضر الشيخ عقيدته الواسطية، وقال هذه كتبتها من نحو سبع سنين قبل مجيء التتار إلى الشام، فقرئت في المجلس وبحث فيها، وبقيت مواضع أخرت إلى مجلس آخر.

ثم اجتمعوا يوم الجمعة بعد الصلاة ثاني عشر رجب المذكور، وحضر المخالفون ومعهم الشيخ صفي الدين الهندي، واتفقوا على أن يتولى المناظرة مع

<<  <  ج: ص:  >  >>