القاهرة، وفي ثاني يوم بعد صلاة الجمعة جمع القضاة وأكابر الدولة بالقلعة لمحفل الشيخ وأراد الشيخ أن يتكلم فلم يمكن من البحث والكلام على عادته، وانتدب له الشمس ابن عدلان خصماً احتساباً، وادعى عليه عند القاضي ابن مخلوف المالكي أنه يقول إن الله فوق العرش حقيقة، وأن الله يتكلم بحرف وصوت،- زاد الحافظ الذهبي- وأن الله يشار إليه الإشارة الحسية، وقال اطلب عقوبته على ذلك، فقال القاضي: ما تقول يا فقيه؟ فأخذ الشيخ في حمد الله والثناء عليه، فقال له القاضي: أجب، ما جئنا بك لتخطب، فقال: ومن الحاكم في، قيل له: القاضي المالكي، قال: كيف يحكم في وهو خصمي، وغضب غضباً شديداً وانزعج، فأقيم من ساعته وحبس في برج أياماً، ثم نقل منه ليلة عيد الفطر إلى الحبس المعروف بالجب هو وأخواه شرف الدين عبد الله وزين الدين عبد الرحيم، ثم إن نائب السلطنة سيف الدين سلار بعد أكثر من سنة وذلك ليلة عيد الفطر من سنة ست وسبعمائة أحضر القضاة الثلاثة الشافعي والمالكي والحنفي، ومن الفقهاء الباجي والجزري والنمراوي، وتكلم في إخراج الشيخ من الحبس، فاتفقوا على أنه يشترط عليه أمور ويلزم بالرجوع عن بعض العقيدة، فأرسلوا إليه من يحضره ليتكلموا معه في ذلك فلم يجب إلى الحضور، وتكرر الرسول إليه في ذلك ست مرات وصمم على عدم الحضور، فطال عليهم المجلس وانصرفوا من غير شيء.
وفي شهر ذي الحجة سنة ست وسبعمائة طلب أخوة الشيخ تقي الدين شرف الدين وزين الدين من الحبس إلى مجلس نائب السلطنة سلار، وحضر القاضي زين الدين ابن مخلوف المالكي وجرى بينهم كلام كثير، وأعيدا إلى مواضعهما بعد أن بحث الشيخ شرف الدين مع القاضي المالكي وظهر عليه في النقل وخطأه في مواضع، وفي ثاني يوم أحضر الشيخ شرف الدين وحده إلى مجلس نائب السلطنة وحضر ابن عدلان وتكلم معه الشيخ شرف الدين وناظره وبحث معه وظهر عليه.
وفي مصر سنة سبع وسبعمائة اجتمع القاضي بدر الدين ابن جماعة بالشيخ