للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقي الدين في دار الأحدى بالقلعة بكرة الجمعة وتفرقا قبل الصلاة وطال بينهما الكلام.

وفي ربيع الأول من سنة سبع دخل الأمير حسام الدين مهني بن عيسى ملك العرب إلى مصر وحضر بنفسه إلى الجب، فأخرج الشيخ تقي الدين يوم الجمعة إلى دار نائب السلطنة بالقعلة وحضر بعض الفقهاء وحصل بينهم بحث كثير وفرقت بينهم صلاة الجمعة، ثم اجتمعوا إلى المغرب ولم ينفصل الأمر، ثم اجتمعوا يوم الأحد بمرسوم السلطان، وحضر جماعة من الفقهاء كثيرة، كنجم الدين ابن الرفعة، وعلاء الدين الباجي، وفخر الدين ابن بنت أبي سعد، وعز الدين النمراوي، وشمس الدين ابن عدلان، ولم يحضر القضاة وطلبوا واعتذر بعضهم بالمرض وبعضهم بغيره، وانفصل المجلس على خير، وبات الشيخ عند نائب السلطنة، وكتب كتاباً إلى دمشق بكرة الاثنين يتضمن خروجه، وأنه أقام بدار سفير بالقاهرة، وأن الأمير سيف الدين سلار رسم بتأخيره عن الأمير مهنى أياماً ليرى الناس فضله، ويحصل لهم الاجتماع به، وكان مدة مقام الشيخ في الجب ثمانية عشر شهراً، وفرح خلق كثير بخروجه وسروا سروراً عظيماً، وحزن آخرون، وامتدحه الشيخ الإمام نجم الدين سليمان بن عبد القوي بقصيدة منها:

فاصبر ففي الغيب ما يغنيك عن حيل ... وكل صعب إذا صابرته هانا

ولست تعدم من خطب رميت به ... إحدى اثنتين فأيقن ذاك إيقانا

تمحيص ذنب لتلقى الله خالصة ... أو امتحاناً به تزداد قربانا

يا سعد إنا لنرجو أن تكون لنا ... سعداً ومرعاك للزوار سعدانا

وإن يضر بك الرحمن طائفة ... ولت وينفع من بالود والانا

يا أهل تيمية العالين مرتبة ... ومنصباً فرع الأفلاك تبيانا

جواهر الكون أنتم غير أنكم ... في معشر أشربوا في العقل نقصانا

لا يعرفون لكم فضلاً ولو عقلوا ... لصيروا لكم الأجفان أوطانا

يا من حوى من علوم الخلق ما قصرت ... عنه الأوائل مذ كانوا إلى الآنا

إن تبتلى بلئام الناس يرفعهم ... عليك دهر لأهل الفضل قد خانا

<<  <  ج: ص:  >  >>