للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي موضوعة، لم يروها أحد من أهل السنن المعتمدة ولا شيئاً منها، ولم يحتج أحد من الأئمة بشيء منها، بل مالك إمام أهل المدينة الذين هم أعلم الناس بحكم هذه المسألة كره أن يقول الرجل: زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان هذا اللفظ معروفاً عندهم أو مشروعاً أو مأثوراً عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكرهه عالم أهل المدينة، والإمام أحمد أعلم الناس في زمانه بالسنة لما سئل عن ذلك لم يكن عنده ما يعتمد عليه في ذلك من الأحاديث إلا حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من رجل يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام " وعلى هذا اعتمد أبو داود في سننه، وكذلك مالك في الموطأ، وروي عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا دخل المسجد قال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت، ثم ينصرف.

وفي سنن أبي داوود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تتخذوا قبري عيداً وصلّوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم ". وفي سنن سعيد بن منصور أن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب رأى رجلاً يختلف إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تتخذوا قبري عيداً وصلوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم " فما أنت ورجل بالأندلس منه إلا سواء.

في الصحيحين عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في مرض موته: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" يحذر ما فعلوا. قالت عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبره ولكن كره أن يتخذ مسجداً. وهم دفنوه في حجرة عائشة خلاف ما اعتادوه من الدفن في الصحراء، لئلا يصلي أحد عند قبره ويتخذه مسجداً فيتخذ قبره وثناً.

وكان الصحابة والتابعون لما كانت الحجرة النبوية منفصلة عن المسجد إلى زمن الوليد بن عبد الملك لا يدخل أحد إليه لا لصلاة هناك، ولا لتمسح بالقبر، ولا دعاء هنالك، بل هذا جميعه إنما كانوا يفعلونه في المسجد، وكان السلف من الصحابة والتابعين إذا سلموا عليه وأرادوا الدعاء دعوة مستقبلي القبلة ولم يستقبلوا القبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>