وأصحابه، وازدحم الخلق على باب القلعة والطرقات، وامتلأ جامع دمشق، وحضر جمع كثير إلى القلعة، فأذن لهم في الدخول، وجلس جماعة ضده قبل الغسل وقرؤوا القرآن وتبركوا برؤيته وتقبيله ثم انصرفوا، وحضر جماعة من النساء ففعلن مثل ذلك، ثم انصرفن، واقتصر على من يغسله ويعين في غسله، وشرب جماعة الماء الذي فضل من غسله، وازدحم من حضر غسله من الخاصة والعامة على الماء المنفصل من غسله حتى حصل لكل واحد منهم شيء قليل، واقتسم جماعة بقية السدر الذي غسل به، وقيل إن الطاقية التي كانت على رأسه دفع فيها خمسمائة درهم، والخيط الذي فيه الزئبق وكان في عنقه بسبب القمل دفع فيه مائة وخمسون درهماً، فلما فرغوا من ذلك أخرج، وقد اجتمع الناس بالقلعة والطريق إلى جامع دمشق، وامتلأ الجامع وصحنه والكلاسين وباب البريد وباب الساعات إلى اللبادين والفوارة، ولم يبق في دمشق من يستطيع المجيء للصلاة عليه إلا حضر لذلك حتى غلقت الأسواق بدمشق وعطلت معائشها حينئذ، وحصل للناس بمصابه أمر شغلهم عن غالب أمورهم وأسبابهم، وخرج الأمراء والرؤساء والعلماء والفقهاء والأتراك والأجناد والرجال والنساء والصبيان من الخواص والعوام، قال بعض من حضر ولم يتخلف أحد فيما أعلم إلا ثلاثة أنفس كانوا قد اشتهروا بمعاندته فاختفوا من الناس خوفاً على أنفسهم بحيث غلب على ظنهم أنهم متى خرجوا رجمهم الناس.
ولما أخرجت جنازته فما هي إلا أن رآها الناس فأكبوا عليها وحصل البكاء والضجيج والتضرع، واشتد الزحام من كل جانب، كل منهم يقصد التبرك١، حتى خشي على النعش أن يحطم قبل وصوله، فأحدق الأمراء والأجناد، واجتمع الأتراك فمنعوا الناس من الزحام عليها خشية سقوطها، وجعلوا يردونهم عن الجنازة بكل ما يمكنهم وهم لا يزدادون إلا زحاماً وكثرة، حتى دخلت جامع بني أمية المحروس ظناً منهم أنه يسع الناس، فبقي كثير من الناس خارج الجامع، فصلي عليه رضي الله تعالى عنه بجامع دمشق عقب صلاة الظهر، وكان صلي عليه