للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاً في القلعة، تقدم في الصلاة عليه الشيخ محمد بن تمام، ثم حمل إلى باب البريد على أيدي الكبراء والأشراف إلى ظاهر دمشق واشتد الزحام وألقى الناس على نعشه مناديلهم وعمائمهم للتبرك١، وخرج الناس من الجامع من أبوابه كلها من شدة الزحام وكل باب أعظم زحمة من الآخر، ثم خرج الناس من أبواب البلد جميعها من شدة الزحام، لكن المعظم من الأبواب الأربعة: باب الفرج الذي خرجت منه الجنازة، ومن باب الفراديس، وباب النصر، وباب الجابية، فلما خرجوا به لظاهر دمشق وضع بأرض فسيحة متسعة الأطراف، فصلى عليه الناس أيضاً، وتقدم في الصلاة عليه هناك أخوه زين الدين عبد الرحمن، قال بعض من حضر من الثقات: كنت ممن صلى عليه في الجامع وكان لي متشرف على المكان الذي صلي عليه فيه بظاهر دمشق فأحببت أن أنظر إلى الناس وكثرتهم فأشرفت عليهم حال الصلاة وجعلت أنظر يميناً وشمالاً ولا أرى أواخرهم بل رأيت الناس قد طبقوا تلك الأرض كلها.

واتفق جماعة ممن حضر وشاهد الناس والمصلين عليه على أنهم يزيدون على نحو من خمسمائة ألف، وحضرها نساء كثير بحيث حزرن بخمسة عشر ألفا، قال أهل التاريخ: لم يسمع بجنازة تمثل هذا الجمع إلا جنازة الإمام أحمد بن حنبل.

قال الدارقطني: سمعت أبا سهل بن زياد القطان يقول: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: سمعت أبي يقول: قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم يوم الجنائز، قال أبو عبد الرحمن السلمي: إنه حزر الحزارون المصلين على جنازة أحمد فبلغ العدد بحزرهم ألف ألف وسبعمائة ألف سوى الذين كانوا في السفن.

ثم حملت جنازة الشيخ إلى قبره في مقبرة الصوفية فوضع، وقد جاء الملك شمس الدين الوزير ولم يكن حاضراً قبل ذلك فصلى عليه أيضاً ومن معه من


١ وهذا كسابقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>