الأمراء والكبراء ومن شاء الله من الناس، ثم دفن وقت العصر إلى جانب أخيه الشيخ الإمام العلامة البارع الحافظ الزاهد العابد الورع جمال الإسلام شرف الدين، وكان قد توفي سنة سبع وعشرين في أيام حبس أخيه تقي الدين، وصلي عليه في جامع دمشق، ثم حمل إلى باب القلعة فصلي عليه مرة أخرى، وصلى عليه أخواه تقي الدين وزين الدين وخلق من داخل القلعة، كان الصوت بالتكبير يبلغهم وكثر البكاء في تلك الساعة، وكان وقتاً مشهوداً، ثم صلي عليه مرة ثالثة ورابعة، وحضر جنازته جمع كثير وعالم عظيم، وكثر الثناء والتأسف عليه، وأثنى عليه الشيخ كمال الدين بن الزملكاني، فقال: شرف الدين بارع في فنون عديدة من الفقه، والنحو، والأصول، ملازم لأنواع الخير، وتعليم العلم، حسن العبادة، قوي في دينه، جيد التفقه، مستحضر لمذهبه استحضاراً جيداً، مليح البحث صحيح الذهن، قوي الفهم رحمه الله تعالى.
فلما دفن الشيخ تقي الدين إلى جانب أخيه؛ جعل الناس يأتون قبره للصلاة عليه من القرى والأطراف والأماكن والبلاد مشاة وركباناً، وتردد الناس إلى قبره أياماً كثيرة ليلاً ونهاراً، ورُئيت له منامات كثيرة صالحة.
قال الحافظ الشيخ سراج الدين البزار: وما وصل خبر موته إلى بلد فيما نعلم إلا وصلي عليه في جميع جوامعه ومجامعه، خصوصاً أرض مصر ودمشق والعراق وتبريز والبصرة وقراها وغيرها، وختمت له الختمات الكثيرة في الليالي والأيام في أماكن كثيرة لم يضبط عددها، خصوصاً بدمشق ومصر والعراق، حتى جعل كثير من الناس القراءة له وأدار الربعة الشريفة على الناس للقراءة وإهدائها له وظيفة معتادة ١، قال: ولم ير في جنازة ما رُئي في جنازته من الوقار والهيبة، والعظمة والجلالة، وتعظيم الناس لها، وتوقيرهم إياها، وتفخيمهم أمر صاحبها، وثنائهم عليه بما كان عليه من العلم والعمل، والزهادة والعبادة، والإعراض عن الدنيا، والاشتغال بالآخرة، والفقر، وإيثار الكرم، والمروءة، والصبر، والثبات،