للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل الأئمة قد أحيا زمانهم ... كأنه كان فيهم وهو منتظر

أن يرفعوهم جميعاً رفع مبتدأ ... فحقه الرفع أيضاً إنه خبر

أمثله بينكم يلقى بمضيعة ... حتى يطيح له عمداً دم هدر

يكون وهو أماني لغيركم ... تنوبه منكم الأحداث والغير

والله لو أنه في غير أرضكم ... لكان منكم على أبوابه زمر

مثل ابن تيمية ينسى بمحبسه ... حتى يموت ولم يكحل به بصر

مثل ابن تيمية ترضى حواسده ... بحبسه ولكم في حبسه غدروا

مثل ابن تيمية في السجن معتقل ... والسجن كالغمد وهو الصارم الذكر

مثل ابن تيمية يرمى بكل أذى ... وليس يجلى قذى منه ولا نظر

مثل ابن تيمية تذوى خمائله ... وليس يلقط من أفنانه الزهر

مثل ابن تيمية شمس تغيب سدى ... وما تروق بها الآصال والبكر

مثل ابن تيمية يمضي وما عبقت ... بمسكه العاطر الأردان والطرر

مثل ابن تيمية يمضي وما نهلت ... له سيوف ولا خطية سمر

ولا تجاري له خيل مسومة ... وجوه فرسانها الأوضاح والغرر

ولا تحف به الأبطال دائرة ... كأنهم أنجم في وسطها قمر

ولا تعبس حرب في مواقفه ... يوماً ويضحك في أرجائها الظفر

حتى يقوم هذا الدين من ميل ... ويستقيم على منهاجه البشر

بل هكذا السلف الأبرار ما برحوا ... يبلى اصطبارهم جهداً وهم صبر

تأس بالأنبياء الطهر كم بلغت ... فيهم مضرة أقوام وكم هجروا

في يوسف في دخول السجن منقبة ... لمن يكابد ما يلقى ويصطبر

ما أهملوا أبداً بل أمهلوا لمدى ... والله يعقب تأييداً وينتصر

أيذهب المنهل الصافي وما نقعت ... به الظماة ويبقى الحمأة الكدر

مضى حميداً ولم يعلق به وضر ... وكلهم وضر في الناس أو ضرر

طود من الحلم لا يرقى له فنن ... كأنما الطود من أحجاره حجر

بحر من العلم قد فاضت بقيته ...

فغاضت الأبحر العظمى وما شعروا

<<  <  ج: ص:  >  >>