قال الشيخ تاج الدين السبكي:"ينبغي لك أيها المسترشد أن تسلك سبيل الأدب مع جميع الأئمة الماضين، وأن لا تنظر إلى كلام الناس فيهم إلا ببرهان واضح، ثم إن قدرت على التأويل وتحسين الظن بحسب قدرتك فافعل وإلا فاضرب صفحا عما جرى بينهم، فإنك يا أخي لم تخلق لمثل هذا وإنما خلقت للاشتغال بما يعنيك من أمر دينك. قال: ولا يزال الطالب نبيلاً حتى يخوض فيما جرى بين الأمة فتلحقه الكآبة وظلمة الوجه " انتهى.
فإن طعن على الشيخ ابن تيمية رحمه الله من حيث العقيدة فعقيدته عقيدة السلف كما وقع الاتفاق على ذلك وقت المناظرة، فليطعن على السلف من طعن فيه.
وإن طعن عليه من حيث إفتائه بمسألة الطلاق الثلاث- في كونه أوقع من ثلاث طلقات مجموعة أو متفرقة طلقة واحدة- فهو مجتهد، ولا يجوز الطعن على المجتهد فيما ذهب إليه مما قام عليه الدليل عنده، بل يجب عليه العمل به، على أن مسألة الطلاق قال بها غيره من أكابر الصحابة والتابعين، كما هو مروي عن علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وابن مسعود، وابن عباس، وقال: قوله ثلاث لا معنى له لأنه لم يطلق ثلاث مرات، وقال به عطاء، وطاووس، وعمرو بن دينار، وسعيد بن جبير، وأبو الشعثاء، ومحمد بن إسحق، والحجاج بن أرطأة، وقال به من شيوخ قرطبة جماعة منهم محمد بن عبد الحسين فقيه عصره، وأصبغ بن الحباب، وغيرهم.
وإن كان الطعن فيه من حيث تحريمه زيارة قبور الصالحين وغيرهم فهو كذب وافتراء عليه، فإنه لا يمنع ذلك، وإنما حكى قولين فيمن شد الرحال لزيارتها ورجح النهي تبعاً لطائفة من الأئمة المجتهدين، والحجة في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد" الحديث، فكيف يسوخ الاعتراض عليه بذلك؟ لاسيما وقد وافقه على ذلك علماء بغداد من رواة المذاهب كلها. وقال الشيخ الإمام الحافظ سراج الدين أبو حفص عمر البزار في مناقبه: