أكثر في حقه الأقاويل- الزور والبهتان- من ظاهر حاله العدالة وباطنه مشحون بالفسق والجهالة، ولم يزل المبتدعون أهل الأهواء وآكلوا الدنيا بالدين متعاضدين متناصرين في عداوته، باذلين وسعهم في السعي بالفتك به، متخرصين عليه الكذب الصريح، مختلقين عليه وناسبين إليه ما لم يقله، ولم ينقل عنه ولم يوجد بخطه ولا وجد له في تصنيف ولا فتوى ولا سمع منه في مجلس.
قال: وسبب عداوتهم له أن مقصودهم الأكبر طلب الجاه والرياسة وإقبال الخلق، ورأوه قد رقاه الله إلى ذروة السنام من ذلك بما أوقع الله له في قلوب الخاصة والعامة من المواهب التي منحه بها وهم عنها بمعزل، فنصبوا أنفسهم لعدواته، وحسدوه، وسعوا به بما سعوا، ولم يرقبوا الله واليوم الآخر فكان ما كان، وما ربك بغافل عما يعمل الظالمون.
هذا آخر ما وجدناه في كتاب "الكواكب الدرية في مناقب الإمام المجتهد ابن تيمية" للعلامة شيخ الفضلاء المتقنين، وعمدة الفقهاء والمحدثين، الشيخ مرعي بن يوسف الكرمي الحنبلي، المتوفي سنة ثلاث وثلاثين وألف، وقال على طرف كتابه مادحاً شيخ الإسلام:
إمام المعالي والمعاني يعيبه ... على فضله من كان في الرتبة الدنيا
ومن ذا يعيب البدر والبحر والهدى ... ومن كان فرداً بالفضائل في الدنيا
وما ضر نور الشمس إن كان ناظراً ... إليه عيون لم تزل دهرها عميا
وهل جاء في الدنيا كأحمد بعده ... وهل حل بدر في منازله العليا
وبما ذكر في هذه المناقب يتبين أن مصنف "جلاء العينين" قد سبقه كثير من أفاضل العلماء وأساطين الأمة في الذب عن الإمام الشيخ تقي الدين بن تيمية، وتخطئة من نسب إليه الابتداع واعترض عليه بما ليس له أصل.
ومنه يعلم أيضاً أن الزائغ النبهاني قد خاض طينة الخبال في الاعتراض عليه وعلى من أخذ بيده وذب عنه، وفي دعواه أنه على الهدى وأن مثل الشيخ تقي الدين ومن كان على منهجه وصراطه المستقيم من أهل البدعة والضلالة، والنبهاني