للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يدعو أو نحو ذلك لا يحصل غرض صاحبه، ولا يورث حصول الغرض من شبهة إلا في الأمور الحقيرة، فأما الأمور العظيمة؛ كإنزال الغيث عند القحوط، أو كشف العذاب النازل، فلا ينفع فيه هذا الشرك، كما قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ} ١. وقال تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْأِنْسَانُ كَفُوراً} ٢ وقال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ} ٣. وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً} ٤. وقال تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ * قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً} ٥.

فكون هذه المطالب العظيمة لا يستجيب فيها إلا الله سبحانه دل على توحيده وقطع شبهة من أشرك به، وعلم بذلك أن ما دون هذا من الإجابات أيضاً إنما فعله هو وحده لا شريك له وإن كانت تجري بأسباب محرمة أو مباحة، كما أن خلقه السموات والأرض والرياح والسحاب وغير ذلك من الأجسام العظيمة دل على وحدانيته وأنه خالق لكل شيء، وأن ما دون هذا بأن يكون خالقاً له أولى، إذ هو منفعل عن مخلوقاته العظيمة، فخالق السبب التام خالق للمسبب لا محالة.

وجماع الأمر؛ أن الشرك نوعان: شرك في ربوبيته بأن يجعل معه لغيره تدبير ما، كما قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي


١ سورة الأنعام: ٤٠- ٤١.
٢ سورة الإسراء: ٦٧.
٣ سورة النمل: ٦٢.
٤ سورة الإسراء: ٥٦- ٥٧.
٥ سورة الزمر: ٤٣- ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>