تفعله الشياطين لأعوانهم؛ فإذا كان الأثر قد يحصل عقب دعاء من قد تيقنا أنه لم يسمع الدعاء فكيف يتوهم أنه هو الذي تسبب في ذلك أو أن له فيه فعلاً؟ وإذا قيل: إن الله يفعله بذلك السبب فإذا كان السبب محرماً لم يجز كالأمراض التي يحدثها الله عقب أكل السموم، وقد يكون الدعاء المحرم في نفسه دعاء لغير الله أن يدعو الله، كما قال النصارى: يا والدة الإله اشفعي لنا إلى الإله، وقد يكون دعاء لله لكنه توسل إليه بما لا يحب أن يتوسل به، كالمشركين الذين يتوسلون إلى الله بأوثانهم، وقد يكون دعاء لله بكلمات لا يصلح أن يناجي بها الله ويدعي بها لما في ذلك من الاعتداء، فهذه الأدعية ونحوها وإن كان قد يحصل لصاحبها أحياناً غرضه ولكنها محرمة لما فيها من الفساد الذي يربي على منفعتها، ولهذا كانت هذه فتنة في حق من لم يهده الله وينور قلبه، ويفرق بين أمر التكوين وأمر التشريع، ويفرق بين القدر والشرع، ويعلم أن الأقسام ثلاثة:
أمور قدرها الله وهو لا يحبها ويرضاها، فإن الأسباب المحصلة لهذه تكون محرمة موجبة لعقابه.
وأمور شرعها، فهو يحبها من العبد ويرضاها، لكن لم يعنه على حصولها، فهذه محمودة عنده مرضية وإن لم توجد.
والقسم الثالث: أن يعين الله العبد على ما يحبه منه.
فالأول إعانة الله، والثاني عبادة الله، والثالث جمع له بين العبادة والإعانة كما قال:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فما كان من الدعاء عين المباح إذا أثر فهو من باب الإعانة لا العبادة، كسائر الكفار والمنافقين والفساق، ولهذا قال تعالى في مريم:{وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ} ١ وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر.
ومن رحمة الله تعالى أن الدعاء المتضمن شركاً كدعاء غيره أن يفعل ودعائه