للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل العراق أبا موسى الأشعري، واختار أهل الشام عمرو بن العاص، فتفرق أهل صفين حين حكم الحكمان وأنهما يجتمعان بدومة الجندل فإن لم يجتمعا لذلك اجتمعا من العام المقبل بأذرح، فلما انصرف علي خالفت الحرورية وخرجت وكان ذلك أول ما ظهرت ـ فآذنوه بالحرب وقالوا: لا حكم إلا الله"١.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير الطبري من طريق أبي رزين قال: لما كانت الحكومة بصفين وباين الخوارج علياً، رجعوا مباينين له، وهم في عسكر وعلي في عسكر، حتى دخل علي الكوفة مع الناس بعسكره، ومضوا هم إلى حروراء في عسكرهم، فبعث علي إليهم ابن عباس، فكلمهم، فلم يقع منهم موقعاً فخرج علي إليهم، فكلمهم حتى أجمعوا هم وهو على الرضا، فرجعوا حتى دخلوا الكوفة على الرضا منه ومنهم، فأقاموا يومين أو نحو ذلك، قال: فدخل الأشعث بن قيس وكان يدخل على علي، فقال: إن الناس يتحدثون أنك رجعت لهم عن كفرك، فلما كان الغد الجمعة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، فخطب فذكرهم ومباينتهم الناس وأمرهم الذي فارقوه فيه، فعابهم وعاب أمرهم، قال: فلما نزل على المنبر تنادوا من نواحي المسجد لا حكم إلا الله، فقال علي: حكم الله أنتظر فيكم، ثم قال بيده هكذا يسكتهم بالإشارة وهو على المنبر حتى أتى رجل٢ منهم واضعاً أصبعيه في أذنيه وهو يقول: "لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين"٣.

ففي هذين الخبرين تحديد لبداية بذرة الخوارج المارقين وأن أول خروجهم كان على علي رضي الله عنه، بعد أن وافق على التحكيم واعتبروا التحكيم خطيئة تؤدي إلى الكفر مع أنهم هم الذين أكرهوا علياً رضي الله عنه على قبوله عندما رفع أصحاب معاوية رضي الله عنه المصاحف.


١ـ انظر تاريخ الأمم والملوك ٥/٥٧.
٢ـ هو: سعيد البكائي كما في تاريخ الطبري ٥/٧٣.
٣ـ مصنف ابن أبي شيبة ١٥/٣١٢-٣١٣، تاريخ الأمم والملوك ٥/٧٣-٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>