[المبحث الأول: استخلاف الفاروق بعهد من أبي بكر رضي الله عنهما]
...
[المبحث الأول: استخلاف الفاروق بعهد من أبي بكر رضي الله عنهما]
إن طريقة تولية الفاروق رضي الله عنه الخلافة بعد الصديق الأعظم رضي الله عنه كانت باستخلاف أبي بكر إياه، وذلك أن أبا بكر رضي الله عنه مرض قبل وفاته خمسة عشر يوماً ولما أحس بدنو أجله رضي الله عنه عهد في أثناء هذا المرض بالأمر من بعده إلى عمر بن الخطاب وكان الذي كتب العهد عثمان بن عفان رضي الله عنه. وقرئ على المسلمين فأقروا به وسمعوا له وأطاعوا، ولم يعهد الصديق رضي الله عنه بالخلافة لعمر رضي الله عنه إلا بعد أن استشار نفراً من فضلاء الصحابة فيه مع أن عمر رضي الله عنه هو المعروف بصلابته في الدين، وأمانته وشدته على المنافقين إلى غير ذلك من الصفات الحميدة التي اتصف بها في ذات الله ـ عز وجل ـ ولكن الصديق رضي الله عنه فعل هذا مبالغة في النصح للأمة المحمدية وقد ذكر أهل السير والتواريخ صيغة عهد الصديق بالخلافة للفاروق رضي الله عنه فقد روى ابن سعد وغيره: أن أبا بكر الصديق لما استعز١ به دعا عبد الرحمن بن عوف فقال: أخبرني عن عمر بن الخطاب فقال عبد الرحمن: ما تسألني عن أمر إلا وأنت أعلم به مني فقال أبو بكر: وإن فقال عبد الرحمن: هو والله أفضل من رأيك فيه، ثم دعا عثمان بن عفان فقال: أخبرني عن عمر فقال: أنت أخبرنا به فقال: على ذلك يا أبا عبد الله فقال: عثمان: اللهم علمي به أن سريرته خير من علانيته وأنه ليس فينا مثله، فقال أبو بكر: يرحمك الله والله لو تركته ما عدوتك وشاور معهما
١ـ استعز به: أي: اشتد به المرض وأشرف على الموت ... يقال: عز يعز ـ بالفتح ـ إذا اشتد، واستعز به المرض وغيره، واستعز عليه إذا اشتد عليه وغلبه النهاية في غريب الحديث والأثر ٣/٢٢٨.