للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقام بها ولا تلتفت بكم عن طلب الحق وإنكار الظلم {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} ١.

فقال حمزة بن سنان الأسدي: "يا قوم إن الرأي ما رأيتم وإن الحق ما ذكرتم، فولوا أمركم رجلاً منكم، فإنه لا بد لكم من عماد وسنان ومن راية تحفون بها، وترجعون إليها فبعثوا إلى زيد بن حسن الطائي ـ وكان من رؤوسهم ـ فعرضوا عليه الإمارة فأبى ثم عرضوها على حرقوص بن زهير فأبى، وعرضوها على حمزة بن سنان فأبى، وعرضوها على شريح بن أبي أوفى العبسي فأبى، وعرضوها على عبد الله بن وهب الراسبي فقبلها، وقال: أما والله لا أقبلها رغبة في دنيا ولا أدعها فرقاً من الموت"٢.

واجتمعوا أيضاً في بيت زيد بن حصن الطائي السنبسي فخطبهم وحثهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتلا عليهم آيات من القرآن، منها قوله تعالى: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} ٣ الآية، وقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} والآية التي بعدها وفيها {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ، والآية التي في نهايتها {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} ٤، ثم قال: فاشهد على أهل دعوتنا من أهل قبلتنا أنهم قد اتبعوا الهوى ونبذوا حكم الكتاب، وجاروا في القول والأعمال، وأن جهادهم حق على المؤمنين، فبكى رجل منهم يقال له: عبد الله بن شجر السلمي، ثم حرض أولئك على الخروج على الناس وقال في كلامه:


١ـ سورة النحل آية/١٢٨.
٢ـ انظر تاريخ الطبري ٥/٧٤-٧٥، الكامل في التاريخ ٣/٣٣٤-٣٣٥، البداية والنهاية ٧/٣١٢.
٣ـ سورة ص آية/٢٦.
٤ـ الآيات رقم ٤٤، ٤٥، ٤٧، من سورة المائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>