للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموبقات والعظائم والخطيئات وأنه مما زينه لهم إبليس الشيطان الرجيم المطرود عن السموات الذي نصب العداوة لأبينا آدم، ثم لذريته ما دامت أرواحهم في أجسادهم مترددات وقد تدارك جماعة من الناس بعض أولادهم وإخوانهم، فردوهم وأنبوهم ووبخوهم، فمنهم من استمر على الاستقامة، ومنهم من فرّ بعد ذلك فلحق بالخوارج فخسر إلى يوم القيامة، وذهب الباقون إلى ذلك الموضع ووافى إليهم من كانوا كتبوا إليه من أهل البصرة وغيرها، واجتمع الجميع بالنهروان وصارت لهم شوكة ومنعة"١.

هكذا كانت بداية نشأة الخوارج في أول أمرهم على هذا النحو المتقدم ذكره ومن أهل العلم من يرجع بداية نشأة الخوارج إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم ويجعل أول الخوارج ذا الخويصرة الذي اعترض على الرسول صلى الله عليه وسلم في قسمة ذهب كان قد بعث به علي ـ رضي الله عنه ـ من اليمن في جلد مقروظ، فقد جاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: بعث علي بن أبي طالب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن بذهبة في أديم مقروظ٢ لم تحصل من ترابها٣، قال: فقسمها بين أربعة نفر: بين عيينة بن حصن والأقرع بن حابس وزيد الخيل والرابع إما علقمة بن علاثة وإما عامر بن الطفيل، فقال رجل من أصحابه: كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء، قال: فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحاً ومساء" قال: فقام رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناشز الجبهة٤ كث اللحية محلوق الرأس مشمر الإزار، فقال: يا رسول الله اتق الله فقال: "ويلك! أولست أحق أهل الأرض أن يتقي الله" قال: ثم ولى الرجل، فقال خالد بن الوليد يا رسول الله ألا أضرب


١ـ البداية والنهاية ٧/٣١٢-٣١٣.
٢ـ أي: في جلد مدبوغ بالقرظ.
٣ـ أي: لم تميز ولم تصف من تراب معدنها.
٤ـ أي: مرتفع الجبهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>