للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسميت تلك الفتنة التي أحدثوها بالفتنة الأولى.

قال شارح الطحاوية: "فالخوارج والشيعة حدثوا في الفتنة الأولى"١.

وقد أطلق العلامة ابن كثير على الثوار الذين ثاروا على عثمان وقتلوه اسم الخوارج، حيث قال في صدد ذكره لهم بعد قتلهم عثمان رضي الله عنه قال: "وجاء الخوارج فأخذوا مال بيت المال وكان فيه شيء كثير جداً"أهـ٢.

والرأي الراجح في بداية نشأة الخوارج وتكونهم أنها كانت بانفصالهم عن جيش علي وخروجهم عليه بعد الاتفاق على التحكيم بينه وبين معاوية رضي الله عنه عنهما وعلى الرغم من الارتباط القوي بين ذي الخويصرة وبين الخوارج فإن الخوارج لم يظهروا على شكل جماعي وطائفي إلا بعد حادثة التحكيم حيث فارقوا الجماعة وانحازوا إلى قرية من قرى الكوفة تسمى "حروراء"، وعينوا لهم أميراً للقتال وأميراً للصلاة والاتجاه الخارجي الذي تمثل في تلك الجماعة التي خرجت على علي رضي الله عنه وانفصلت من جيشه قد وردت الإشارة إليه في أحاديث كثيرة سيأتي بيانها في "المبحث الرابع" من هذا الفصل، وكلها أشارت إلى أوصافهم وذمهم والأمر بقتالهم، وأما ذو الخويصرة فإن اعتراضه على الرسول صلى الله عليه وسلم كان اعتراض فرد وليس اعتراض جماعة حتى يسمى خروجاً وإن اعتبر سلفاً للخوارج الذين يأتون من بعده فهناك فرق بين نزعة الاعتراض الفردي وبين الخروج على شكل جماعي له اتجاهه وآرؤه الخاصة كخروج الخوارج على علي رضي الله عنه.

وأما القول بأن نشأتهم بدأت بثورة الثائرين على عثمان رضي الله عنه فلا شك أن ما حدث كان خروجاً عن طاعة الإمام الحق إلا أن هذا الخروج لم يكن يتميز بأنه خروج جماعة لها عقائدها الواضحة وآراؤها المتميزة، وإنما كان خروجاً


١ـ شرح العقيدة الطحاوية ص/٥٩٣.
٢ـ البداية والنهاية ٧/٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>