للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتفق الفريقان على التحكيم ركب وحمل على أصحاب علي، وقتل منهم واحداً، ثم حمل على أصحاب معاوية، وقتل منهم واحداً، ثم نادى بين العسكرين أنه بريء من علي ومعاوية، وأنه خرج من حكمهم، فقتله رجل من همدان، ثم إن جماعة ممن كانوا مع علي رضي الله عنه في حرب صفين استمعوا منه ذلك الكلام واستقرت في قلوبهم تلك الشبهة، ورجعوا مع علي إلى الكوفة، ثم فارقوه ورجعوا إلى حروراء"١، ولما استقروا في حروراء كانوا يعاملون من يخالفهم من المسلمين في رأيهم أبشع معاملة وأشد قسوة.

قال أبو الحسين الملطي واصفاً ما بلغوا إليه من ظلم وإجرام: "فأما الفرقة الأولى من الخوارج، فهم المحكمة الذين كانوا يخرجون بسيوفهم فيمن يلحقون من الناس، فلا يزالون يقتلون حتى يقتلوا وكان الواحد منهم إذا خرج للتحكيم لا يرجع حتى يقتل أو يقتل، فكان الناس منهم على وجل وفتنة"٢.

ومن أبشع جرائمهم وأفظعها قتلهم عبد الله بن خباب بن الأرت، فقد روى الإمام أحمد بإسناده إلى حميد بن هلال عن رجل من عبد القيس كان مع الخوارج ثم فارقهم، قال: دخلوا قرية فخرج عبد الله بن خباب ذعراً يجر رداءه، فقالوا: لم ترع، قال: والله لقد رعتموني، قالوا: أنت عبد الله بن خباب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: نعم، قالوا: فهل سمعت من أبيك حديثاً يحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحدثناه، قال: نعم، سمعته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه ذكر فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، قال: فإن أدركت ذاك فكن عبد الله المقتول، قال أيوب: ولا أعلمه، قال: ولا تكن عبد لله القاتل، قالوا: أأنت سمعت هذا


١ـ التبصير في الدين ص/٤٥-٤٦، وانظر مقالات الإسلاميين ١/٢٠٧-٢٠٩، الفرق بين الفرق ص/٧٤-٧٥، تاريخ الأمم والملوك ٥/٧٢ وما بعدها، الكامل في التاريخ ٣/٣٢٦ وما بعدها، مروج الذهب للمسعودي ٣/١٢٥.
٢ـ التنبيه والرد على أهواء والبدع ص/٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>