للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} ١. وقال تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} ٢.

هذه الآيات بين الله ـ تعالى ـ فيها مكانة الشهداء وعلو درجتهم وأنهم أحياء عند ربهم يرزقون وفرحون بما آتاهم الله من الكرامة والفضل، وأنهم يسبشرون بإخوانهم الذين لم يلحقوا بهم بما أنعم الله به عليهم من فضل وأنه لا خوف عليهم ولا حزن لأن الدار التي انتقلوا إليها هي دار الحياء والفرح لا حزن ولا نغص في عيشها، وقد كان عدد هؤلاء الشهداء الذين استشهدوا في أحد سبعين شهيداً كما في صحيح البخاري٣. رحمه الله تعالى منهم ست من المهاجرين منهم سيد الشهداء حمزة ومصعب وعبد الله بن جحش وشماس بن عثمان وثقف بن عمرو وهذا يوافق ما رواه أبو عبد الله الحاكم عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون رجلاً ومن المهاجرين ستة فمثلوا بهم وفيهم حمزة ... الحديث٤.

فقوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} هذه الآية تضمنت النهي عن ظن الموت بالشهداء فدلت على أنهم أحياء عند ربهم يرزقون والخطاب موجه للنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ولا تحسبنهم يا محمد أمواتاً لا يحسون شيئاً ولا يلتذون ولا يتنعمون فإنهم أحياء عندي متنعمون في رزقي فرحون مسرورون بما آتيتهم من كراماتي وفضلي، حبوتهم به من جزيل ثوابي وعطائي"٥.


١ـ سورة آل عمران آية/١٦٩-١٧١.
٢ـ سورة الأحزاب آية/٢٣.
٣ـ صحيح البخاري ٣/٢٦.
٤ـ المستدرك ٢/٣٥٩ وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي.
٥ـ جامع البيان ٤/١٧٠، وانظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٤/٢٦٨-٢٧٤، وانظر التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة للقرطبي ص/١٥٥- القسم الأول، وانظر فتح القدير للشوكاني ١/٣٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>