للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله عنه فقد روى بإسناده إلى عامر بن عبد الله بن الزبير قال: كان أبو بكر يعتق على الإسلام بمكة فكان يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن، فقال له ابوه: أي بني أراك تعتق أناساً ضعفاء، فلو أنك تعتق رجالاً جلداً يقومون معك، ويمنعونك ويدفعون عنك قال: أي أبت إنما أريد ما عند الله، قال فحدثني بعض أهل بيتي أن هذه الآية نزلت فيه: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} ١.

٥- وقال تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى} ٢.

هذه الآيات ذكر الكثير من المفسرين أنها نزلت في أبي بكر رضي الله عنه وهذه الآيات فيها إخبار من الله تعالى أنه سيزحزح عن النار التقي النقي الأتقى الموضح بقوله: {الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} أي: يصرف ماله في طاعة ربه ليزكي نفسه وماله وما وهبه الله من دين ودنيا {وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى} أي: ليس بذله ماله في مكافأة من أسدى إليه معروفاً، فهو يعطي في مقابلة ذلك، وإنما دفعه ذلك {ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى} أي: طمعاً في أن يحصل له رؤيته في الدار الآخرة في روضات الجنات، ثم ختم ـ تعالى ـ الآيات بقوله: {وَلَسَوْفَ يَرْضَى} أي: ولسوف يرضى من اتصف بهذه الصفات٣.

قال الحافظ ابن كثير: "وقد ذكر غير واحد من المفسرين أن هذه الآيات نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حتى إن بعضهم حكى الإجماع من المفسرين على ذلك، ولا شك أنه دخل فيها وأولى الأمة بعمومها فإن لفظها لفظ العموم، وهو قوله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى


١ـ جامع البيان ٣٠/٢٢١، والمستدرك للحاكم ٢/٥٢٥-٥٢٦.
٢ـ سورة الليل آية/١٧-٢١.
٣ـ تفسير ابن كثير ٧/٣١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>