للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضهم فكفر علياً لأنه لم يقم في طلب حقه بزعمهم وهؤلاء أسخف مذهباً وأفسد عقلاً من أن يرد قولهم أو يناظر وقال: ولا شك في كفر من قال هذا لأن من كفر الأمة كلها والصدر الأول فقد أبطل نقل الشريعة وهدم الإسلام وأما من عدا هؤلاء الغلاة فإنهم لا يسلكون هذا المسلك فأما الإمامية وبعض المعتزلة فيقولون: هم مخطئون في تقديم غيره لا كفار وبعض المعتزلة لا يقول بالتخطئة لجواز تقديم المفضول عندهم وهذا الحديث لا حجة فيه لأحد منهم بل فيه إثبات فضيلة لعلي ولا تعرض فيه لكونه أفضل من غيره أو مثله وليس فيه دلالة لاستخلافه بعده لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال هذا لعلي حين استخلفه في المدينة في غزوة تبوك ويؤيد هذا أن هارون المشبه به لم يكن خليفة بعد موسى بل توفي في حياة موسى وقبل وفاة موسى بنحو أربعين سنة على ما هو مشهور عند أهل الأخبار والقصص قالوا: وإنما استخلفه حين ذهب لميقات ربه للمناجاة والله أعلم١.

٣- وروى الشيخان من حديث سهل بن سعد قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد علياً في البيت فقال: "أين ابن عمك؟ " قالت: كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج فلم يقل عندي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان: "انظر أين هو؟ " فجاء فقال: يا رسول الله هو في المسجد راقد فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع وقد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول: "قم أبا تراب قم أبا تراب" ٢.

في هذا الحديث منقبة ظاهرة لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه وبيان علو منزلته عند النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أنه عليه الصلاة والسلام مشى إلى عليّ رضي الله عنه ودخل المسجد ومسح التراب عن ظهره واسترضاه تلطفاً به لأنه كان وقع بينه


١ـ شرح النووي على صحيح مسلم ١٥/١٧٤.
٢ـ صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري ٢/٥٣٥، صحيح مسلم ٤/١٨٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>