للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ} ١.

والحكمة أنهن لما لم يخترن عليه غيره أمر بمكافأتهن في التمسك بنكاحهن.

الثالث: أن من قذفهن حد حدين كما قال مسروق والصحيح أنه حد واحد٢ فالآية تضمنت بيان منزلة نساء النبي صلى الله عليه وسلم وشرفهن على سائر نساء الناس.

٤- ومن مناقبهن العامة التي شرفهن بها رب العالمين وأخبر بها عباده في كتابه العزيز أنهن لسن كأحد من النساء في الفضل والشرف وعلو المنزلة. قال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً} ٣. فقد بين تعالى في هذه الآية الكريمة أنه لا يلحقهن أحد من نساء الناس في الشرف والفضل كما بين أن هذا الفضل إنما يتم لهن بشرط التقوى لما منحهن الله من صحبة الرسول وعظيم المحل منه ونزول القرآن في حقهن٤.

قال حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس في بيان معنى الآية: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} يريد ليس قدركن عندي مثل قدر غيركن من النساء الصالحات. أنتن أكرم علي وثوابكن أعظم لدي٥.

وقال أبو بكر بن العربي: قوله: {لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} يعني: في الفضل والشرف فإنهن وإن كن من الآدميات فلسن كإحداهن، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان من البشر جبلة، فليس منهم فضيلة ومنزلة، وشرف المنزلة لا يحتمل العثرات، فإن من يقتدى به، وترفع منزلته على المنازل جدير بأن يرتفع


١ـ سورة الأحزاب آية/٥٢.
٢ـ أحكام القرآن لابن العربي ٣/١٥٣٣.
٣ـ سورة الأحزاب آية/٣٢.
٤ـ انظر الجامع لأحكام القرآن ١٤/١٧٧.
٥ـ تفسير البغري على حاشية تفسير الخازن ٥/٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>