للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصب لا صخب فيه ولا نصب" وببيان معنى هذه المنقبة بأقوال أهل العلم يتبين حال خديجة وما كانت عليه من القدر العظيم رضي الله عنها: فقوله: "وبشرها ببيت" فقد قال أبو بكر الإسكافي في "فوائد الأخبار": المراد به بيت زائد على ما أعد الله لها من ثواب عملها ولهذا قال: "لا نصب فيه" أي: لم تتعب بسببه١. وقال السهيلي: "لذكر البيت معنى لطيف لأنها كانت ربة بيت قبل المبعث ثم صارت ربة بيت في الإسلام منفردة به فلم يكن على وجه الأرض في أول يوم بعث النبي صلى الله عليه وسلم بيت إسلام إلا بيتها وهي فضيلة ما شاركها فيها أيضاً غيرها قال: وجزاء الفعل يذكر الفعل يذكر غالباً بلفظه وإن كان أشرف منه فلهذا جاء في الحديث بلفظ البيت دون لفظ القصر٢.

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "وفي البيت معنى آخر لأن مرجع أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم إليها لما ثبت في تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} قالت أم سلمة: لما نزلت دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة وعلياً والحسن والحسين فجللهم بكساء فقال: "اللهم هؤلاء أهل بيتي" الحديث أخرجه الترمذي٣ وغيره ومرجع أهل البيت هؤلاء إلى خديجة لأن الحسنين من فاطمة وفاطمة بنتها وعلي نشأ في بيت خديجة وهو صغير ثم تزوج بنتها بعدها فظهر رجوع أهل البيت النبوي إلى خديجة دون غيرها"أ. هـ٤.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "من قصب" قال ابن التين: المراد به لؤلؤة مجوفة واسعة كالقصر المنيف قال الحافظ عند الطبراني في الأوسط: "من طريق أخرى عن ابن أبي أوفى: "يعني قصب اللؤلؤ" وعنده في الكبير من حديث أبي هريرة: "بيت من لؤلؤة مجوفة" وعنده في الأوسط من حديث فاطمة قالت: قلت يا رسول الله: أين أمي


١ـ الروض الأنف ١/٢٧٨، فتح الباري ٧/١٣٨.
٢ـ الروض الأنف ١/٢٧٨-٢٧٩، فتح الباري ٧/١٣٨.
٣ـ سنن الترمذي ٥/٣٠-٣١.
٤ـ فتح الباري ٧/١٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>