للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظهرت آلاء الله، واستقر دينه ووضحت أعلامه، وأذل بهم الشرك، وأزال رؤوسه ومحا دعائمه، وصارت كلمة الله العلياء، وكلمة الذين كفروا السفلى فصلوات الله ورحمته وبركاته على تلك النفوس الزكية، والأرواح الطاهرة العالية فقد كانوا في الحياة لله أولياء، وكانوا بعد الموت أحياء، وكانوا لعباد الله نصحاء، رحلوا إلى الآخرة قبل أن يصلوا إليها وخرجوا من الدنيا وهم بعد فيها"أ. هـ١

فهذه الصفات التي وصفهم بها عبد الله بن عباس كلها مناقب وثناء حسن يذكرون به في الآخرين وقد كانوا رضي الله عنهم كما وصفهم، فقد خصهم الله وشرفهم بصحبة نبيه عليه الصلاة والسلام، وآثروه بأموالهم وأنفسهم، وأقاموا معالم الدين الإسلامي الحنيف، ونصحوا للأمة واجتهدوا في نشر الإسلام وتثبيت دعائمة حتى استقر في الأرض وأذل الله بهم الشرك وأهله وأزيلت رؤوسه، ومحيت دعائمه وأعلى الله بهم كلمته، ودحر بهم كلمة الباطل، وبذلك كانت نفوسهم زكية وأرواحهم طاهرة فكانوا أولياءً لله في هذه الحياة الدنيا فرضوان الله عليهم أجمعين.

٢- روى أبو نعيم الأصبهاني: بإسناده إلى أبي أراكة قال: صلى عليّ الغداة ثم لبث في مجلسه حتى ارتفعت الشمس قيد رمح كأن عليه كآبة ثم قال: لقد رأيت أثراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أرى أحداً يشبههم والله إن كانوا ليصبحون شعثاً غبراً صفراً بين أعينهم مثل ركب المعزي قد باتوا يتلون كتاب الله يراوحون بين أقدامهم وجباههم إذا ذكر الله مادوا كما تميد الشجرة في يوم ريح، فانهملت أعينهم حتى تبل والله ثيابهم والله لكأن القوم باتوا غافلين.

وقال أيضاً رضي الله عنه: "أولئك مصابيح الهدى يكشف الله بهم كل فتنة مظلمة سيدخلهم الله في رحمة منه، ليس أولئك بالمذاييع٢ البذر ولا الجفاة


١ـ مروج الذهب ومعادن الجوهر ٣/٧٥.
٢ـ هو جمع مذياع من أذاع الشيء إذا أفشاه وقيل أراد الذين يشيعون الفواحش النهاية ٢/١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>