للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعراب: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوّاً} ١ وكان نزول براءة التي فيها هذا الحكم بعد غزوة تبوك بلا شك٢ التي تخلف فيها الثلاثة المعذرون الذين تاب الله عليهم ـ في سورة براءة ولم يغز ـ عليه الصلاة والسلام ـ بعد غزوة تبوك إلى أن مات صلى الله عليه وسلم وقال تعالى أيضاً: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ} فبين أن العرب لا يغزون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد تبوك لهذا، ثم عطف ـ سبحانه وتعالى ـ عليهم أثر منعه إياهم من الغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً} ٣ فأخبر ـ تعالى ـ أنهم سيدعوهم غير النبي صلى الله عليه وسلم إلى قوم يقاتلونهم أو يسلمون ووعدهم على طاعة من دعاهم إلى ذلك بجزيل الأجر العظيم وتوعدهم على عصيان الداعي لهم إلى ذلك العذاب الأليم.

قال أبو محمد بن حزم: وما دعا أولئك الأعراب أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قوم يقاتلونهم أو يسلمون إلا أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فإن أبا بكر رضي الله عنه دعاهم إلى قتال مرتدي العرب بني حنيفة وأصحاب الأسود وسجاح وطليحة والروم والفرس وغيرهم، ودعاهم عمر إلى قتال الروم والفرس وعثمان دعاهم إلى قتال الروم والفرس والترك٤ فوجب طاعة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم بنص القرآن الذي لا يحتمل تأويلاً وإذ قد وجبت طاعتهم فقد صحت إمامتهم وخلافتهم رضي الله عنهم"٥.


١ـ سورة التوبة آية/٨٣.
٢ـ انظر الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٤/١١٩-١٢٢.
٣ـ سورة الفتح آية/ ١٦-١٧.
٤ـ انظر الاعتقاد للبيهقي ص/١٧٣.
٥ـ الفصل في الملل والأهواء والنحل ٤/١٠٩-١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>