للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأحدكم إلا أني أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم ثم افترقوا على ذلك واتعدوا الغد ... فلما أصبحوا يوم الجمعة حضر الناس المسجد وجاء علي حتى صعد المنبر فقال: "يا أيها الناس ـ عن ملأ وإذن ـ إن هذا أمركم ليس لأحد فيه حق إلا من أمرتم، وقد افترقنا بالأمس على أمر فإن شئتم قعدت لكم، وإلا فلا أجد على أحد فقالوا: نحن على ما فارقناك بالأمس"١.

وقال الحافظ ابن كثير: "وذكر سيف٢ بن عمر عن جماعة من شيوخه قالوا: بقيت المدينة خمسة أيام بعد مقتل عثمان وأميرها الغافقي بن حرب يلتمسون من يجيبهم، إلى القيام بالأمر، والمصريون يلحون على علي وهو يهرب منهم إلى الحيطان ويطلب الكوفيون الزبير فلا يجدونه والبصريون يطلبون طلحة فلا يجيبهم، فقالوا فيما بينهم: لا نولي أحداً من هؤلاء الثلاثة فمضوا إلى سعد بن أبي وقاص فقالوا: إنك من أهل الشورى فلم يقبل منهم، ثم راحوا إلى ابن عمر فأبى عليهم، فحاروا في أمرهم ثم قالوا: إن نحن رجعنا إلى أمصارنا بقتل عثمان من غير إمرة ـ اختلف الناس في أمرهم ولم نسلم فرجعوا إلى علي فألحوا عليه، وأخذ الأشتر بيده، فبايعه وذلك يوم الخميس الرابع والعشرين من ذي الحجة وذلك بعد مراجعة الناس لهم في ذلك وكلهم يقول: لا يصلح لها إلا علي، فلما كان يوم الجمعة وصعد المنبر بايعه من لم يبايعه بالأمس"٣.

ومما تقدم تبين أن خلافة علي رضي الله عنه تمت بطريق الاختيار من جميع من كان موجوداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد استشهاد ذي النورين رضي الله عنه، وهذه الطريقة التي تم بها اختيار علي رضي الله عنه كالطريق التي


١ـ تاريخ الأمم والملوك ٤/٤٣٣-٤٣٥، الكامل ٣/١٩٢-١٩٣.
٢ـ هو سيف بن عمر التميمي صاحب "كتاب الردة" ويقال له: الضبي ويقال غير غير ذلك الكوفي ضعيف في الحديث عمدة في التاريخ من الثامنة، مات زمن الرشيد انظر ترجمته في "الميزان للذهبي" ٢/٢٥٥-٢٥٦، التهذيب ٤/٢٩٥-٢٩٦، التقريب ١/٢٤٤.
٣ـ البداية والنهاية ٧/٢٤٧، وانظر الكامل في التاريخ لابن الأثير ٣/١٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>