للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلفت الكلمة وتفاقم الأمر، وانتشرت الفتنة فما كان من علي رضي الله عنه وهو الخليفة الحق الذي تجب طاعته إلا أن قام بإرسال الكتب المتتابعة إلى معاوية رضي الله عنه يدعوه فيها في البيعة غير أن معاوية رضي الله عنه لم يرد شيئاً فكرر عليه علي رضي الله عنه ذلك مراراً إلى أن دخل الشهر الثالث من مقتل ذي النورين رضي الله عنه، ثم بعث بعد ذلك طوماراً١ من رجل فدخل به على علي فقال: ما وراءك؟ قال: جئتك من عند قوم لا يريدون إلا القود كلهم موتور٢ ... فقال علي: أمني يطلبون دم عثمان؟ ألست موتوراً كترة عثمان؟ اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان"٣.

وقد وجه علي رضي الله عنه جماعة إلى معاوية رضي الله عنه وهو بصفين منهم بشير بن عمرو الأنصاري وقال لهم: "ائتوا هذا الرجل فادعوه إلى الطاعة والجماعة واسمعوا ما يقول لكم فلما دخلوا على معاوية قال له بشير بن عمرو: يا معاوية إن الدنيا عنك زائلة، وإنك راجع إلى الآخرة، والله محاسبك بعملك ومجازيك بما قدمت يداك إني أنشدك الله أن لا تفرق جماعة هذه الأمة وأن تسفك دماءها بينها ـ إلى أن قال له: ـ وإنه ـ أي علي ـ يدعوك إلى مبايعته فإنه أسلم لك في دنياك وخير لك في آخرتك فقال معاوية: ويطل٤ دم عثمان؟ لا والله لا أفعل ذلك أبداً"٥.

وقد دخل أبو الدرداء، وأبو أمامة رضي الله عنهما أيام صفين على معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما فقالا له: يا معاوية علام تقاتل هذا الرجل؟ فوالله إنه أقدم منك ومن أبيك إسلاماً وأقرب منك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحق


١ـ الطومار: الصحيفة "لسان العرب" ٤/٥٠٣.
٢ـ الموتور: الطالب بالثأر "النهاية في غريب الحديث والأثر" ٥/١٤٨.
٣ـ تاريخ الطبري ٤/٤٤٤.
٤ـ أي يهدر "انظر النهاية ٣/١٣٦، المصباح المنير ٢/٣٧٧.
٥ـ تاريخ الطبري ٤/٥٧٣، الكامل لابن الأثير ٣/٢٨٥-٢٨٦، البداية والنهاية ٧/٢٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>