للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالقول الراجح في المراد بالسابقين الأولين هو هذا الذي قرره شيخ الإسلام ابن تيمية ويؤيده ما يلي:

١- ما رواه مسلم بإسناده إلى أبي سعيد قال: "كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء فسبه خالد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أحداً من أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه" ١.

فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول لخالد ونحوه: "لا تسبوا أصحابي" يعني عبد الرحمن بن عوف وأمثاله، لأن عبد الرحمن ونحوه هم السابقون الأولون، وهم الذين أسلموا قبل الفتح وقاتلوا، وهم أهل بيعة الرضوان. فهم أفضل وأخص بصحبته ممن أسلم بعد بيعة الرضوان وهم الذين أسلموا بعد الحديبية وبعد مصالحة النبي صلى الله عليه وسلم أهل مكة، ومنهم خالد بن الوليد، وهؤلاء أسبق ممن تأخر إسلامهم إلى فتح مكة، وسموا الطلقاء ... والمقصود أنه نهى من له صحبة آخراً أن يسب من له صحبة أولاً لامتيازهم عنهم من الصحبة بما لا يمكن أن يشركوهم فيه حتى لو أنفق أحدهم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه، فإذا كان هذا حال الذين أسلموا بعد الحديبية، وإن كانوا قبل فتح مكة فكيف حال من ليس من الصحابة بحال مع الصحابة رضي الله عنهم أجمعين٢.

٢- ما رواه مسلم أيضاً بإسناده إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ٣ لقيه أهل الأجناد٤ أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه فأخبروه أن الوباء٥ قد وقع


١ـ صحيح مسلم ٤/١٩٦٧.
٢ـ شرح العقيدة الطحاوية ص/٥٢٩-٥٣٠.
٣ـ سرغ: قرية في طرف الشام مما يلي الحجاز "شرح النووي" ١٤/٢٠٨، وانظر النهابة في غريب الحديث ٢/٣٦١.
٤ـ المراد بالأجناد هنا مدن الشام الخمس: وهي فلسطين والأردن ودمشق وحمص وقنسرين "شرح النووي" ١٤/٢٠٨.
٥ـ الوباء: المراد به هنا: الطاعون: انظر: النهابة في غريب الحديث ٥/١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>