للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن كتمان ذلك متعين على العامة بل آحاد العلماء " لأنه لا مصلحة شرعية ولا علمية من وراء نشر ذلك، أما من ناحية النظر العلمي المستقيم المهتدي بنصوص الشريعة فإن البحث في هذا الموضوع لا يمتنع إذا قصد به تبين أحكام الشريعة١ وما كان ذكر العلماء المعتبرين للحروب والخلافات التي وقعت بين الصحابة رضي الله عنهم إلا على هذا السبيل، أو لبيان المواقف الصحيحة، وتصحيح الأغاليط التاريخية التي أثيرت حول مواقفهم في تلك الحروب رضي الله عنهم فعلى المسلم أن يعتقد فيما صح مما جرى بين الصحابة من خلاف أنهم فيه مجتهدون، إما مصيبون فلهم أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، وإما مخطئون فلهم أجر الاجتهاد، وخطؤهم مغفور وهم ليسوا معصومين بل هم بشر يصيبون ويخطئون ولكن ما أكثر صوابهم بالنسبة لصواب غيرهم، وما أقل خطأهم إذا نسب إلى خطأ غيرهم، وقد وعدوا من الله بالمغفرة والرضوان، كما أنه يجب على كل مسلم أن يكون لسانه رطباً بالذكر الحسن والثناء الجميل على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحاول جهده في ذكر محاسنهم العظيمة وسيرتهم الحميدة ويتجنب ذكر ما شجر بينهم، هذه طريقة الصدر الأول من هذه الأمة والتي اتخذها أهل السنة والجماعة منهاجاً في موقفهم نحو الصحابة رضي الله عنهم جميعاً.

قال العوام٢ بن حوشب: أدركت من أدركت من صدر هذه الأمة بعضهم يقول لبعض: اذكروا محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لتأتلف عليها القلوب ولا تذكروا ما شجر بينهم فتحرشوا٣ الناس عليهم٤.

وبعبارة أخرى أنه قال: "أدركت صدر هذه الأمة يقولون: اذكروا


١ـ انظر في تفصيل هذا الموضوع ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" ٤/٤٣٤.
٢ـ هو: العوام بن حوشب بن يزيد الشيباني أبو عيسى الواسطي ثقة، ثبت، فاضل من السادسة، مات سنة ثمان وأربعين "تقريب التهذيب" ٢/٨٩، التهذيب ٨/١٦٣-١٦٤.
٣ـ التحريش: هو الإغراء بين الناس "مختار الصحاح" ص/١٣٠، لسان العرب ٦/٢٧٩.
٤ـ كتاب الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة لابن بطة ص/١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>