للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنصار ويفضلونهم من وجوه:

أولها: أنهم هم السابقون في الإيمان الذي هو رئيس الفضائل وعنوان المناقب.

وثانيها: أنهم تحملوا العناء والمشقة دهراً دهيراً، وزماناً مديداً من كفار قريش وصبروا عليه وهذه الحال ما حصلت للأنصار.

وثالثها: أنهم تحملوا المضار الناشئة من مفارقة الأوطان والأهل والجيران ولم يحصل ذلك للأنصار.

ورابعها: أن فتح الباب في قبول الدين والشريعة من الرسول عليه الصلاة والسلام إنما حصل من المهاجرين، والأنصار اقتدوا بهم وتشبهوا بهم وقد قال عليه الصلاة والسلام: "من سنَّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة"١. فوجب أن يكون المقتدي أقل مرتبة من المقتدى به فجملة هذه الأحوال توجب تقديم المهاجرين الأولين على الأنصار في الفضل والدرجة والمنقبة ولهذا نجد القرآن الكريم كلما تعرض لذكر المهاجرين والأنصار قدم المهاجرين على الأنصار٢.

وإلى ما جاء في فضل المهاجرين الأولين رضي الله عنهم وقبل أن نذكر طائفة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي وردت في بيان فضل المهاجرين نسبق ذلك ببيان المراد "بالهجرة" فنقول:

أصل الهجرة: الترك والمراد ترك الوطن٣ والهجرة إلى الشيء الانتقال إليه عن غيره، وفي الشرع ترك ما نهى الله عنه، وقد وقعت في الإسلام على وجهين:


١ـ رواه أحمد في المسند ٤/٣٥٣، من حديث جرير بن عبد الله عن أبيه.
٢ـ التفسير الكبير للفخر الرازي ١٥/٢٠٩.
٣ـ شرح النووي على صحيح مسلم ١٣/٥٤-٥٥، وانظر: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز ٥/٣٠٤، لسان العرب ٥/٢٥٠ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>