للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السيئات ـ وقد سبق لهم من الله الحسنى ـ فإن الله يغفرها لهم، إما بتوبة أو بحسنات ماحية، أو مصائب مكفرة أو غير ذلك، فإنهم خير قرون هذه الأمة وهذه خير أمة أخرجت للناس، ونعلم مع ذلك أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان أفضل وأقرب إلى الحق من معاوية وممن قاتله معه لما ثبت عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق "١، وفي هذا الحديث دليل على أنه مع كل طائفة حق، وأن علياً رضي الله عنه أقرب إلى الحق"أ. هـ٢.

وقال الحافظ ابن كثير مبيناً فساد معتقد المعتزلة في عدالة الصحابة "وقول المعتزلة الصحابة عدول إلا من قاتل علياً قول باطل مرذول ومردود وقد ثبت في صحيح البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال عن ابن بنته الحسن بن علي وكان معه على المنبر: "إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين" ٣ وظهر مصداق ذلك في نزول الحسن لمعاوية عن الأمر بعد موت أبيه علي واجتمعت الكلمة على معاوية وسمي "عام الجماعة" وذلك سنة أربعين من الهجرة، فسمي الجميع "مسلمين" وقال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} ٤ فسماهم مؤمنين مع الاقتتال"٥.

وممن بين بطلان هذا القول الشوكاني رحمه الله تعالى، فإنه قال في صدد عرضه للأقوال في عدالة الصحابة: "القول الرابع: أنهم كلهم عدول إلا من قاتل علياً وبه قال جماعة من المعتزلة والشيعة، ويجاب عنه بأن تمسكهم بما تمسكوا


١ـ انظر الحديث في صحيح مسلم ٢/٧٤٥.
٢ـ مجموع الفتاوى ٣/٤٠٦-٤٠٧.
٣ـ صحيح البخاري ٢/١١٤.
٤ـ سورة الحجرات آية/٩.
٥ـ الباعث الحثيث ص/١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>