للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقول عمرو بن عبيد في عدالة الصحابة قول ظاهر البطلان ومردود عليه.

المذهب الثالث:

أن حكمهم في العدالة حكم من بعدهم في لزوم البحث عن عدالتهم عند الرواية١، وقد عزا هذا القول السخاوي والشوكاني إلى أبي الحسين بن القطان٢ من علماء الشافعية.

وشبهته أنه قال: "فوحشي قتل حمزة وله صحبة. والوليد شرب الخمر فمن ظهر عليه خلاف العدالة لم يقع عليه اسم الصحبة والوليد ليس بصحابي لأن الصحابة إنما هم الذين كانوا على طريقته"٣.

وهذا الشبهة حكم عليها السخاوي بأنها ساقطة إذ الكل أصحابه باتفاق وقتل وحشي لحمزة كان قبل إسلامه ثم أسلم، وليس ذلك مما يقدح به فالإسلام يجب ما قبله وأما قوله: والوليد ليس بصحابي ـ إلخ كلامه ـ فلم يقل قائل من أهل العلم إن ارتكاب المعصية يخرج من كان صحابياً عن صحبته وقد كف النبي صلى الله عليه وسلم من لعن بعضهم بقوله: "لا تلعنوه فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله" ٤. كما كف عمر عن حاطب رضي الله عنه ـ لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " إنه شهد بدراً وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" ٥ لا سيما وهم مخلصون في التوبة فيما لعله صدر منهم، والحدود كفارات، بل قيل في الوليد بخصوصه: إن بعض أهل الكوفة


١ـ المصدر السابق ١/٢٧٤، شرح مختصر المنتهى ٢/٦٧.
٢ـ هو أحمد بن محمد بن القطان البغدادي من كبار الشافعية له مصنفات في أصول الفقه وفروعه، توفي سنة تسع وخمسين وثلاثمائة. انظر ترجمته في تاريخ بغداد ٤/٣٦٥، تهذيب الأسماء واللغات للنووي ٢/٢١٤-٢١٥.
٣ـ انظر فتح المغيب شرح ألفية الحديث للسخاوي ٣/١١٢، وإرشاد الفحول للشوكاني ص/٦٩.
٤ـ صحيح البخاري ٣/١٧٢، من حديث عمر رضي الله عنه.
٥ـ صحيح البخاري ٣/٧، صحيح مسلم ٤/١٩٤٢، من حديث علي رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>