للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انصرفوا١ منهم من ذكر في قول صلاح الدين العلائي.

فهذه هي المذاهب التي خالف فيها أصحابها إجماع أهل السنة والجماعة في مسألة عدالة الصحابة وهي كما رأينا مبنية على شبه واهية لا تزيدها إلا ضعفاً، فالواجب على المسلم أن يعتقد ما اعتقدته الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة من أن عموم الصحابة عدول ويحرم على كل إنسان ثلبهم بما يشينهم، ولا عبرة بخلاف من خالف في ذلك من الطوائف المخذولة أهل البدع والأهواء مثل الرافضة والمعتزلة والزنادقة وغيرهم ولا من سلك طريقهم في العصر الحديث من الكفرة المستشرقين الذين يزعمون أنهم يعتنون بالدراسات الإسلامية والبحث فيها هم ومن قلدهم من أبناء المسلمين الواقعين في حرمات الله باسم حرية البحث العلمي ويقولون إن كل إنسان له أن يقول ما شاء حتى ولو كان في ذلك اعتداء على حرمات المؤمنين وتكذيب القرآن الكريم وسنة سيد المرسلين تحت ستار حرية الرأي والبحث، وهذا الاتجاه مرفوض عند علماء المسلمين حيث إن للعلم قواعد وأصول وضوابط شرعية يلتزم بها المؤمن حتى يكون بحثه واجتهاده في نطاقها، أما حرية البحث التي فتن بها أهل الأهواء ممن ينتسبون إلى الإسلام وقلدوا فيها الأعداء وطبقوها حسب ما تلقوها، فليست من سنن المؤمنين ولا سبيل المسلمين، ولذلك كانت بحوثهم مناقضة للقواعد الشرعية والأحكام الإسلامية فالذين يجرحون الصحابة ويطعنون في عدالتهم إنما غرضهم من وراء ذلك هو التشكيك في الإسلام، وهدم قواعده التي قام عليها، وهذا ما فطن له أبو زرعة الرازي في القرن الثالث الهجري، فقد روى الخطيب البغدادي بإسناده إلى أبي زرعة الرازي أنه قال: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق وذلك أن الرسول عندنا حق والقرآن حق وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا


١ـ انظر إرشاد الفحول للشوكاني ص/٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>