للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام الطحاوية في عقيدته: "وحبهم ـ أي الصحابة رضي الله عنهم ـ دين وإيمان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان"١ ومن سبهم وطعن فيهم فقد زاد على بغضهم. وقال السرخسي٢ وهو أحد كبار علماء الحنفية: "فأما من طعن في السلف من نفاة القياس لاحجاجهم بالرأي في الأحكام فكلامه كما قال الله تعالى: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً} ٣ لأن الله تعالى أثنى عليهم في غير موضع من كتابه، كما قال الله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} ٤ ورسول الله صلى الله عليه وسلم وصفهم بأنهم خير الناس فقال: "خير الناس قرني الذي أنا فيهم"٥، والشريعة بلغتنا بنقلهم، فمن طعن فيهم فهو ملحد منابذ للإسلام، دواءه السيف إن لم يتب"٦.

وقال الحميدي القرشي تلميذ الشافعي وشيخ البخاري موضحاً العقيدة التي يجب على المسلم أن يلتزمها: "والسنة عندنا أن يؤمن الرجل بالقدر خيره وشره حلوه ومره".. إلى أن قال: "والترحم على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلهم فإن الله ـ عز وجل ـ قال: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالأِيمَانِ} فلم نؤمر إلا بالاستغفار لهم فمن سبهم أو بعضهم أو أحداً منهم، فليس على السنة وليس له في الفيء حق أخبرنا بذلك غير واحد عن مالك بن أنس أنه قال: قسم الله الفيء فقال: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ


١ـ شرح الطحاوية ص/٥٢٨.
٢ـ هو محمد بن أحمد بن سهل أبو بكر قاضي من كبار الأحناف مجتهد من أهل فارس سرخس "في خراسان" توفي سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة هجرية. انظر ترجمته في الفوائد البهية في تراجم الحنفية، ص/١٥٨-١٥٩، الأعلام للزركلي ٦/٢٠٨.
٣ـ سورة الكهف آية/٥.
٤ـ سورة الفتح آية/٢٩.
٥ـ انظر صحيح البخاري ٢/٢٨٧-٢٨٩، صحيح مسلم ٤/١٩٦٣-١٩٦٥.
٦ـ أصول السرخسي ٢/١٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>