عليهم بما ثبت في قلوبهم من الإخلاص في الأعمال الصالحة وتركهم ديارهم وأموالهم حيث خرجوا منها ابتغاء نصرة الله ورسوله، كما أثنى على من جاء بعدهم مستغفراً لهم، ولا يستغفر لهم إلا أهل السنة، أما الشيعة الرافضة فلا يستغفرون لهم وإنما يدينون بالاعتقاد بتكفير أولئك الأخيار وبسؤالهم ربهم أن يملأ قلوبهم غلاً للصحابة الكرام وهاهم كذلك ولا نصيب لهم من الثناء الذي اشتملت عليه الآية ما داموا على ذلك.
فالثناء على المهاجرين عموماً بخروجهم من ديارهم وأموالهم يبتغون بذلك رضوان الله وينصرون الله ورسوله والشهادة لهم بأنهم صادقون، وكذا ثناؤه ـ جل وعلا ـ على الأنصار قاطبة بتبوئهم الدار والإيمان وحبهم لإخوانهم المهاجرين وإيثارهم لهم على أنفسهم وشهادة الباري تبارك وتعالى لهم بالفلاح كل ذلك أدلة قطعية على عدالة الصحابة جميعاً مهاجرين وأنصار.
أما نسبة النفاق إلى خيار هذه الأمة بدعوى أنه كان في المدينة منافقون فهي فرية واضحة لا تثبت لها قدم، وهي شبهة أوهى من بيت العنكبوت لأن المنافقين لم يكونوا مجهولين في مجتمع الصحابة الكرام رضي الله عنهم ولم يكونوا هم السواد الأعظم والجمهور الغالب فيهم وإنما كانوا فئة معلومة آل أمرهم إلى الخزي والفضيحة حيث علم بعضهم بعينه، والبعض الآخر منهم علم بأوصافه، فقد ذكر الله في كتابه من أوصافهم وخصوصاً في سورة التوبة ما جعل منهم طائفة متميزة منبوذة لا يخفى أمرها على أحد فأين هذه الفئة ممن أثبت الله لهم في كتابه نقيض صفات المنافقين حيث أخبر عن رضاه عنهم من فوق سبع سموات وجعلهم خير أمة أخرجت للناس، فنسبة الرافضة النفاق إلى الصحابة إنما منشؤه من عمى البصيرة، ومحبة العمى على الهدى وعدم التمييز بين من أوقفوا حياتهم لنصرة الله ورسوله، ولم ينقضوا عهد الله من بعد ميثاقه وبين الذين لم يعرفوا في تاريخ الإسلام إلا بالخيانة والتآمر على الإسلام وأهله.