للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النهار، فقولهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم استصحبه حذراً منه لئلا يظهر أمره فهذا باطل من وجوه عدة:

أولاً: أنه قد علم بدلالة القرآن أن الصديق رضي الله عنه كان موالياً ومحباً للرسول صلى الله عليه وسلم لا معادياً له.

ثانياً: علم بالتواتر المعنوي أنه كان محباً للرسول مؤمناً به مختصاً به أعظم مما علم من سخاء حاتم وشجاة عنترة، لكن الرافضة قوم بهت حتى أن بعضهم جحدوا أن يكون الصديق والفاروق دفنا في الحجرة النبوية.

ثالثاً: إن قولهم هذا في أبي بكر يدل على فرط جهلهم وخاصة بما حصل وقت الهجرة فإن الرسول اختفى هو وأبو بكر في الغار وأرسل المشركون الطلب من الغد في كل فج وجعلوا الدية فيه وفي أبي بكر لمن أتى بواحد منهما، فهذا دليل أنهم كانوا يعلمون أن أبا بكر كان موالياً للمصطفى صلى الله عليه وسلم ومعادياً لهم ولو كان مبطناً لهم على زعم الرافضة لما بذلوا فيه الدية.

رابعاً: واما زعمهم أن الآية دلت على نقصه لقوله تعالى: {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} فقولهم هذا ينقض تخرصهم أنه استصحبه حذراً منه لئلا يظهر أمره فإنه إذا كان عدوه وكان مبطناً لأعدائه الذين يطلبونه كان ينبغي أن يفرح ويسر ويطمئن إذا جاء العدو، فإن المشركين جاءوا إلى الغار ومشوا فوقه"١.

"فإن أبا بكر لو كان قاصداً له لصاح بالكفار عند وصولهم إلى باب الغار، وقال لهم: نحن ههنا، ولقال ابنه وابنته، عبد الرحمن وأسماء للكفار نحن نعرف مكان محمد فندلكم عليه، فنسأل الله العصمة من عصبية تحمل الإنسان على مثل هذا الكلام الركيك"٢. ويقال أيضاً: لهؤلاء المفترين إن


١ـ انظر منهاج السنة ٤/٢٥٦-٢٦٠، المنتقى من منهاج الاعتدال للذهبي ص/٥٥٤-٥٥٦.
٢ـ التفسير الكبير للرازي ١٦/٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>