للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حفظه كله، وكان هذا من سر قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ١ فجمع الصديق الخير وكف الشرور رضي الله عنه وأرضاه"٢.

ومن مطاعن الرافضة على صديق هذه الأمة أنهم يقولون: "إنه عهد بالخلافة إلى عمر، ولم يترك الأمر شورى للمسلمين في اختيار الخليفة"٣.

والرد على هذا الهراء:

يقال لهم: إن أبا بكر رضي الله عنه لم يعهد بالأمر من بعده للفاروق رضي الله عنه إلا لما يعلم من فضله ولما فيه من النصح والقوة على ما يقلده، فلما وجد فيه ذلك منذ أسلم لم يكن ليسعه في ذات الله ونصيحته لعباد الله أن يعدل بالخلافة من بعده إلى غيره، وقد استقر عند الصديق رضي الله عنه أن الصحابة جميعاً يعرفون منه ما عرفه ولا يشكل عليهم من أمره شيء هنا عهد بالأمر من بعده لعمر رضي الله عنه، فرضي المسلمون به إماماً لهم ولو خالطهم في أمره ارتياب أو شبهة لأنكروه ولعارضوه في ذلك، بل كان مستقراً عندهم أنه الخليفة من بعده لأنه أفضل الناس بعد أبي بكر وعهد الصديق له بالخلافة إنما كان بمثابة الدليل لهم على أنه أفضلهم وأكملهم فتبعوه على ذلك مستسملين له راضين به٤ رضي الله عنهم أجمعين".

وأما طعنهم عليه بأنه لم يترك الأمر شورى للمسلمين، فيقال لهم: أيها الغافلون: "إنما الشورى عند الاشتباه، وأما عند الاتضاح والبيان فلا معنى للشورى ـ ألا ترونهم ـ رضوا به وسلموه وهم متوافرون"٥.


١ـ سورة الحجر آية/٩.
٢ـ فضائل القرآن لابن كثير ص/١٦.
٣ـ انظر كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة ١/٢٢، الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم ١/٣٠٤، انظر الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ٢/٤٠٢.
٤ـ انظر الرد على الرافضة، لأبي نعيم ص/٢٧٤.
٥ـ انظر كتاب الإمامة والرد على الرافضة، لأبي نعيم ص/٢٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>