للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خير مما تدعونني إليه، وأوصاهم بثلاث، قال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، وسكت عن الثالثة، أو قال فنسيتها"١.

لقد زعمت الشيعة الرافضة أنه يستفاد من هذا الحديث الطعن على عمر رضي الله عنه من وجوه:-

الأول: أنه رد قول النبي صلى الله عليه وسلم وأقواله كلها وحي لقوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} ٢ ورد الوحي كفر لقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} ٣.

والجواب على هذا الوجه يقال لهم: "على فرض تسليم أن هذا القول صدر من عمر وحده، فإنه لم يرد قوله صلى الله عليه وسلم وإنما قصد راحته ورفع الحرج عنه صلى الله عليه وسلم في حال شدة المرض، إذ كل محب لا يرضى أن يتعب محبوبه ولا سيما في المرض، مع عدم كون ذلك الأمر ضرورياً، ولم يخاطب بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم بل خاطب الحاضرين تأدباً وأثبت الاستغناء عن ذلك بقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً} ٤ وقد نزلت هذه الآية قبل هذه الواقعة بثلاثة أشهر، وقد انسد باب النسخ والتبديل والزيادة والنقصان في الدين فيمتنع إحداث شيء".

ويرد عليهم أيضاً: بأنه لو كان قول عمر رضي الله عنه: "حسبنا كتاب الله" رداً للوحي ولقول الرسول للزم مثل ذلك في حق علي رضي الله


١ـ صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري ٨/١٣٢، شرح النووي على صحيح مسلم ١١/٨٩-٩٤.
٢ـ سورة النجم آية/٣، ٤.
٣ـ مختصر التحفة الاثنى عشرية ص/٢٤٨، وانظر الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم ٣/٥، والآية رقم ٤٤ المائدة.
٤ـ سورة المائدة آية/٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>