للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قسم لا نزاع لأحد في عروضه للأنبياء عليهم السلام وهو عدم تبيين الكلام لبحة الصوت وغلبة اليبس بالحرارة على اللسان، كما في الحميات الحارة وقد ثبت بإجماع أهل السير أن نبينا صلى الله عليه وسلم كانت بحة الصوت عارضة له في مرض موته صلى الله عليه وسلم.

والقسم الآخر: جريان الكلام غير المنتظم أو المخالف للمقصود على اللسان بسبب الغشي العارض بسبب الحميات المحرقة، في الأكثر.

وهذا القسم وإن كان ناشئاً من العوارض البدنية، ولكن قد اختلف العلماء في جواز عروضه للأنبياء، فجوزه بعضهم قياساً على النوم، ومنعه آخرون، فلعل القائل بذلك القول أراد القسم الأول يعني أنا نرى هذا الكلام خلاف عادته صلى الله عليه وسلم، فلعلنا لم نفهم كلامه بسبب وجود الضعف في ناطقته فلا إشكال"١.

الوجه الثالث: من وجوه الطعن التي استنبطوها من الحديث على الفاروق رضي الله عنه، أنهم قالوا: "إنه رفع الصوت وتنازع في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} ٢.

والرد على هذا، يقال لهم:

من أين ثبت أن عمر أول من رفع الصوت؟، وعلى تقديره فرفع صوته إنما كان على صوت غيره من الحاضرين لا عل صوت النبي صلى الله عليه وسلم المنهي عنه في الآية، والأول جائز، والآية تدل عليه حيث قال: {كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} ، وقوله صلى الله عليه وسلم في إحدى الروايات: "قوموا عني" من قبيل قلة الصبر العارضة


١ـ مختصر التحفة الاثنى عشرية ص/٢٥٠.
٢ـ مختصر التحفة الاثنى عشرية ص/٢٥٠، وانظر انظر الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ٢/٤٣٣، والآية رقم ٢ من سورة الحجرات.

<<  <  ج: ص:  >  >>