للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: إن الجد يقاسم الإخوة، وهذا قول عثمان وعلي وزيد وابن مسعود، ولكن اختلفوا في التفضيل اختلافاً متبايناً، والجمهور على مذهب زيد كمالك والشافعي وأحمد.

فإن كان القول الأول في مسألة الجد هو الصواب فهو قول لعمر، وإن كان الثاني فهو قول لعمر وإنما نفذ قول زيد في الناس لأنه كان قاضي عمر وكان عمر ينفذ قضاءه في الجد لورعه، لأنه كان يرى أن الجد كالأب مثل قول أبي بكر فلما صار جداً تورع وفوض الأمر في ذلك لزيد، وقول القائل: إنه قضى في الجد بمائة قضية، إن صح هذا لم يرد به أنه قضى في مسألة واحدة بمائة قول، فإن هذا غير ممكن، وليس في مسائل الجد نزاع أكثر مما في مسألة الخرقاء أم/أخت/وجد والأقوال فيها ستة١ فعلم أن المراد به إن كان صحيحاً أنه قضى في مائة حادثة من حوادث الجد وهذا مع أنه ممكن لكن لم يخرج قوله عن قولين أو ثلاثة، مع أن الأشبه أن هذا كذب، فإن وجود جد وأخوة في الفريضة قليل جداً في الناس، وعمر إنما تولى عشر سنين، وكان قد أمسك عن الكلام في الجد وثبت عنه في الصحيح أنه قال: "ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بينهن لنا الجد والكلالة وأبواب من أبواب الربا"٢.

ومن كان متوقفاً لم يحكم فيها بشيء٣.

ومن مطاعنهم في حق الفاروق رضي الله عنه:- أنهم يطعنون عليه بقولهم: "إنه جعل الأمر شورى بعده، وخالف فيه من تقدمه، فإنه لم يفوض الأمر فيه إلى اختيار الناس، ولا نص على إمام بعده بل تأسف على سالم مولى


١ـ انظر هذه المسألة وأقوال العلماء فيها، كتاب "العذب الفائض بشرح عمدة الفارض" للشيخ إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم الفرضي ١/١١٨-١١٩.
٢ـ انظر هذا الأثر عن عمر في صحيح مسلم ٤/٢٢٣٢.
٣ـ منهاج السنة ٣/١٥٢، وانظر المنتقى للذهبي ص/٣٥٥-٣٥٦ وانظر إرث الجد مع الإخوة وحالاته، كتاب "العذب الفائض شرح عمدة الفارض" ١/١٠٥-١٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>