للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم طرد الحكم بن أبي العاص عم عثمان عن المدينة ومعه ابنه مروان، فلم يزل هو وابنه طريدين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فلما ولي عثمان آواه ورده إلى المدينة، وجعل مروان كاتبه وصاحب تدبيره مع أن الله قال: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية١.

والرد على طعنهم بهذه القصة:

يقال لهم: إن الحكم بن أبي العاص كان من مسلمة الفتح وكانوا ألفي رجل ومروان ابنه كان صغيراً إذ ذاك فإنه من أقران ابن الزبير والمسور بن مخرمة عمره حين الفتح سن التمييز، إما سبع سنين أو أكثر بقليل أو أقل بقليل، فلم يكن لمروان ذنب يطرد عليه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم تكن الطلقاء تسكن بالمدينة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كان قد طرده فإنما طرده من مكة لا من المدينة، ولو طرده من المدينة لكان يرسله إلى مكة، وقد طعن كثير من أهل العلم في نفيه وقالوا ذهب باختياره وقصة نفي الحكم ليست في الصحاح، ولا لها إسناد يعرف به أمرها ... وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد عزر رجلاً بالنفي لم يلزم أن يبقى منفياً طول الزمان، فإن هذا لا يعرف في شيء من الذنوب ولم تأت الشريعة بذنب يبقى صاحبه منفياً دائماً ... وقد كان عثمان شفع في عبد الله بن سعد بن أبي سرح فقبل صلى الله عليه وسلم شفاعته فيه وبايعه٢ فكيف لا يقبل شفاعته في الحكم وقد رووا أن عثمان سأله أن يرده فأذن له في ذلك. ونحن نعلم أن ذنبه دون دنب٣ عبد لله بن سعد بن أبي سرح وقصة عبد الله ثابتة معروفة بالإسناد، وأما قصة الحكم فإنما ذكرت


١ـ انظر كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة ١/٥٠-٥١، منهاج الكرامة المطبوع مع منهاج السنة ٣/١٧٣، حق اليقين ١/١٨٩، والآية رقم ٢٢ من سورة المجادلة.
٢ـ انظر ما جاء في شأن ابن ابن أبي السرح، الإصابة ٢/٣٠٨-٣٠٩.
٣ـ انظر ما جاء في قصة نفيه. أسد الغابة ٢/٣٧، سير أعلام النبلاء ٢/١٠٧-١٠٨، الإصابة ١/٣٤٤-٣٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>