للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضيع الحدود فلم يقتل عبيد الله بن عمر بالهرمزن مولى علي وكان قد أسلم على يد علي رضي الله عنه، ويزعمون أن علياً طلب من عثمان لما ولي الخلافة تسليمه عبيد الله بن عمر ليقيم عليه الحد فامتنع من ذلك١.

والرد على طعنهم بهذه القضية:

يقال لهم: "دعواكم أنه كان مولى لعلي: هذا كذب لم يكن مولى لعلي وإنما أسره المسلمون فمن عليه عمر فأعتقه وأسلم ولا سعي لعلي في رقه ولا في عتقه، ولما قتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان الذي قتله أبو لؤلؤة المجوسي مولى المغيرة بن شعبة وكان بينه وبين الهرمزان مجانسة، وذكر لعبيد الله بن عمر أنه رؤي عند الهرمزان حين قتل وكان ممن اتهم بالمعاونة على قتل عمر، وقد قال الفاروق لما طعنه أبو لؤلؤة المجوسي مخاطباً ابن عباس كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثرا العلوج٢ بالمدينة، فقال: إن شئت أن نقتلهم، فقال: كذبت، أبعد أن تكلموا بلسانكم وصلوا إلى قبلتكم٣ فهذا ابن عباس وهو أفقه من عبيد الله بن عمر وأدين وأفضل بكثير يستأذن عمر في قتل علوج الفرس مطلقاً الذين كانوا بالمدينة لما اتهموهم بالفساد اعتقد جواز مثل هذا فكيف لا يعتقد عبيد الله بن عمر جواز قتل الهرمزان، فلما قتله وبويع عثمان استشار الناس في قتله فأشار عليه طائفة من الصحابة بعدم قتله وقالوا له: قتل أبوه بالأمس، ويقتل هو اليوم٤ فيكون في هذا فساد في الإسلام، وكأنهم وقعت لهم شبهة في عصمة الهرمزان، ولو قدر أنه معصوم الدم يحرم قتله لكن كان القاتل متأولاً ويعتقد حل قتله لشبهة ظاهرة صار ذلك شبهة تدرأ القتل عن القاتل، كما أن


١ـ انظر كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة ١/٥٨-٥٩، وانظر منهاج الكرامة المطبوع مع منهاج السنة ٣/١٧٣، حق اليقين في معرفة أصول الدين لعبد الله شبر ١/١٩١، مقدمة مرآة العقول ١/٤٨.
٢ـ العلوج جمع علج وهو الرجل من كفار العجم وغيرهم، النهاية في غريب الحديث ٣/٢٨٦.
٣ـ صحيح البخاري ٢/٢٩٨.
٤ـ انظر تاريخ الأمم والملوك في قصة مشاورة عثمان المهاجرين والأنصار في شأن عبيد الله بن عمر: ٤/٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>