للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى البخاري بإسناده إلى أبي حميد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن خير دور الأنصار دار بني النجار، ثم عبد النجار، ثم عبد الأشهل، ثم دار بني الحارث ثم بني ساعدة وفي كل دور الأنصار خير" فلحقنا سعد بن عبادة فقال أبا أسيد: ألم تر أن نبي الله صلى الله عليه وسلم خيَّر الأنصار فجعلنا أخيراً؟ فأدرك سعد النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله خير دور الأنصار فجعلنا آخراً فقال: "أوليس بحسبكم أن تكونوا من الخيار" ١.

وعند مسلم: "وبلغ ذلك سعد بن عبادة فوجد في نفسه وقال: خلفنا فكنا آخر الأربع أسرجوا لي حماري آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه ابن أخيه سهل فقال: أتذهب لترد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم أوليس حسبك أن تكون رابع أربع فرجع وقال: الله ورسول أعلم وأمر بحماره فحل عنه"٢.

فلله ما أعظم هذه المنقبة وما أعظم هذا الفضل لهؤلاء الأخيار الذين زكت نفوسهم وطابت أعمالهم حتى شملت الخيرية دورهم، وهذه المفاضلة بين هذه الدور حصلت حسب سبق أهلها للدخول في الإسلام.

قال النووي: عند قوله صلى الله عليه وسلم: "خير دور الأنصار بنو النجار" الحديث أي: خير قبائلهم وكانت كل قبيلة منها تسكن محلة فتسمى تلك المحلة دار بني فلان، ولهذا جاء في كثير من الروايات بنو فلان من غير ذكر الدار.

قال العلماء: وتفضيلهم على قدر سبقهم إلى الإسلام ومآثرهم فيه، وفي هذا دليل لجواز تفضيل القبائل والأشخاص بغير مجازفة ولا هوى ولا يكون هذا غيبة"أ. هـ٣.

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "قوله" خير دور الأنصار ... وفي


١ـ صحيح البخاري ٢/٣١١.
٢ـ صحيح مسلم ٤/١٩٥٠.
٣ـ شرح النووي ١٦/٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>