وهذان الحديثان اتفق على تصحيحهما البخاري، ومسلم، ومن ثم المسلمون كلهم بالإجماع، لإجماعهم على أن كل ما في الصحيحين من أحاديث مسندة فهو صحيح (١).
فانظر إلى من يترك منهج المحدثين، ويعتمد مناهج أخرى لنقد المتون دون الإسناد، كيف يقع في مثل هذا الخطأ الجسيم.
ومما يبين أهمية استخدام هذا المنهج، في نقد روايات فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه أن من يطالع هذه الروايات، لا يستطيع أن يخرج بصورة متكاملة عن الفتنة، إلا وتأتي روايات مضادة تهدم هذه الصورة، لتحل مكانها أخرى، ثم يتكرر هذا مراراً، مما يوقع القارئ في حيرة شديدة، فهذا يؤكد أن هذا التناقض يرجع إلى وجود روايات موضوعة مكذوبة، دست لأهداف دنيئة.
لذا فإن أَنْسَبَ منهج لمحاكمة هذه الروايات، هو منهج المحدثين، الذي يعتمد على دراسة الإسناد، والمتن معاً؛ وهو الذي اعتمدته -كما تقدم- في نقد روايات الفتنة.
وقد قسمت الكتاب إلى قسمين:
القسم الأول: وسردت فيه الصورة التاريخية للحادثة، ووثقت
(١) انظر في ذلك قول الحافظ ابن حجر ونقولاته في (هدي الساري ص: ٣٤٦) وما بعدها، وكتاب (بين الإمام مسلم والدارقطني للدكتور: ربيع بن هادي المدخلي (ص: ١٦ - ١٧).