للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم بوقوع هذه الفتنة التي يقتل فيها عثمان رضي الله عنه، يُعدّ ضمن قائمة كبيرة من الحوادث التي أخبر - عليه الصلاة والسلام- في حياته بأنها ستقع بعد وفاته (١) ووقع عدد منها، وما بقي منها سيقع حتماً ولو بعد حين.

ولا يدل ذلك على علم النبي صلى الله عليه وسلم بالغيب فإن علم الغيب صفة من صفات الله جل وعلا، ليست لأحد من خلقه، وإنما ذلك علم أطلعه الله عليه وأمره أن يبينه للناس، كما أمره أن يبين للناس أنه لا يعلم الغيب المستقبل، وأنه لا اطلاع له على شيء من الغيب إلا ما أطلعه هو عليه (٢).

وذلك في قوله تعالى: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (٣).

وهذه المشيئة منه سبحانه وتعالى تعمُّ الرسول الملكي والبشري. وبذلك يفهم قوله تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِمَا


(١) ذكر جملة من ذلك البيهقي في دلائل النبوة (٢/ ٦٨٨ - ٧١٣).
(٢) انظر في ذلك تفسير القرآن العظيم، لابن كثير (٢/ ٢٧٣) و (٤/ ٤٣٣).
(٣) سورة الأعراف، الآية: (١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>