[المبحث الثاني: نقد بعض كتابات المعاصرين عن الفتنة]
بعد أن وفقني الله إلى جمع ودراسة أسانيد ومتون روايات الفتنة، وعرضها عرضاً تاريخياً، تكشّفت لي حقائق قد اشتهر ضدها، وانتشر في بطون كتب كثيرة؛ تناولت الحديث عن الفتنة من الكُتَّاب المعاصرين.
لذا رأيت أن أكشف في هذا الفصل عن بعض هذه الأخطاء التي وقع فيها بعض هؤلاء المعاصرين، واخترت كتاب كاتب يُعد من أبرزهم من حيث الشهرة، وتأثر الناس بأفكاره، وهو عباس محمود العقاد.
فقد ألف العقاد كتاباً أسماه:"ذو النورين عثمان بن عفان"، وطبع الكتاب عدة طبعات، وكان له رواج كبير بين بعض مثقفي العصر، ومدرسي التاريخ الإسلامي في المعاقل التعليمية في العالم، لما لمؤلفه من شهرة عالمية.
ومن طريق هؤلاء المدرسين، وغيرهم انتشرت أفكار المؤلف المبثوثة في الكتاب بين أبناء العالم الإسلامي، فالكتاب مرجع رئيس لدى كثير من أساتذة ومدرسي التاريخ الإسلامي في معاقل التعليم في العالم.
فقد أسهم الكتاب مساهمة فعالة قوية في تخييل صورة الفتنة في مجتمعنا المعاصر، فاستحق بذلك أن يُهتم به من حيث النقد والتصويب، لأن ذلك بمثابة تعديل لجزء كبير من صورة هذه الحادثة التاريخية في أذهان مثقفي عصرنا الحاضر.