يوجبها أن تكشف جانب الخير أغوار النفس الإنسانية، لا قصيدة مديح كما يقال، بل تحية صدق تمتحن بالنار والنور بين ظلمات الشرور. وهذه السيرة الرابعة من سير الخلفاء الراشدين لا نسميها بالعبقرية كما سمينا عبقرية عمر وعبقرية الإمام وعبقرية الصديق، لأننا نؤمن بالعبقرية لعثمان رضي الله عنه، ونؤمن في الحق أنه ذو النورين: نور اليقين ونور الأريحية والخلق الأمين. ومن أبى عليه ميزانه أن يحابي في كلمة تستدعيها المُجاراة لما سبقها من الكلمات ينظم قصائد المديح في محراب التاريخ، فحسب النفس البشرية أملاً أنها غنية بالحق عن قصائد المديح في هذا المحراب … " انتهى كلامه وأنهى الكتاب بهذه العبارة (١).
ولي عليه في هذه العبارة عدة ملاحظات منها:
أ- تسميته علياً رضي الله عنه بالإمام دون ذكر اسمه، وذلك مجاراة للرافضة.
ب- رفضه أن يسمي كتابه بالعبقرية وتسويغه ذلك بمسوغ مرفوض، مع تحفظي على هذه الكلمة، والطريقة التي تناول بها تلك الشخصيات والمدرسة التي أنتجها من هذه الدراسات عن طريق العبقرية …
ج- تأخيره كتابة سيرة عثمان رضي الله عنه لتكون الرابعة، وتقديم سيرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه عليها، إذا قرن بتسمية علي رضي الله عنه بالإمام، هو غلط ظاهر ومحل نظر، واستفهام.